وَمِنْهَا: أَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ غَزْنَةَ أَمْوَالًا جَلِيلَةً عَظِيمَةَ الْمِقْدَارِ.
وَمِنْهَا: مَا ذُكِرَ مِنْ إِيحَاشِهِ الْأُمَرَاءَ وَغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ.
فَلَمَّا عَادَ إِلَى بَلْخَ قَبَضَ عَلَيْهِ، وَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَمْوَالِ مَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَالَّذِي وُجِدَ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ أَلْفَا أَلْفِ دِينَارٍ، فَلَمَّا قَتَلَهُ اسْتَوْزَرَ بَعْدَهُ شِهَابَ الْإِسْلَامِ عَبْدَ الرَّزَّاقِ بْنَ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْفَقِيهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَنْزِلَةُ ابْنِ فَخْرِ الْمُلْكِ عِنْدَ النَّاسِ فِي عُلُوِّ الْمَنْزِلَةِ.
فَلَمَّا اتَّصَلَ بِهِ وَفَاةُ أَخِيهِ نَدِمَ عَلَى قَتْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَبْلُغُ بِهِ مِنَ الْأَغْرَاضِ وَالْمُلْكِ مَا لَا يَبْلُغُهُ بِكَثْرَةِ الْعَسَاكِرِ لِمَيْلِ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَمَحَلِّهِ عِنْدَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُودًا أَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ سَنْجَرَ شَرَفَ الدِّينِ أَنُوشُرْوَانَ بْنَ خَالِدٍ وَفَخْرَ الدِّينِ طُغَايَرْكَ بْنِ الْيَزَنِ، وَمَعَهُمَا الْهَدَايَا وَالتُّحَفُ، وَبَذَلَ لَهُ النُّزُولَ عَنْ مَازَنْدَرَانَ، وَحَمْلَ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ، فَوَصَلَا إِلَيْهِ وَأَبْلَغَاهُ الرِّسَالَةَ، فَتَجَهَّزَ لِيَسِيرَ إِلَى الرَّيِّ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ شَرَفُ الدِّينِ أَنُوشُرْوَانُ بِتَرْكِ الْقِتَالِ وَالْحَرْبِ، فَكَانَ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ وَلَدَ أَخِي صَبِيٌّ، وَقَدْ تَحَكَّمَ عَلَيْهِ وَزِيرُهُ وَالْحَاجِبُ عَلَيٌّ.
فَلَمَّا سَمِعَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ بِمَسِيرِ عَمِّهِ نَحْوِهِ، وَوُصُولِ الْأَمِيرِ أُنَرَ فِي مُقَدِّمَتِهِ إِلَى جُرْجَانَ، تَقَدَّمَ إِلَى الْأَمِيرِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ أَمِيرٌ حَاجِبُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، وَبَعْدَهُ صَارَ أَمِيرٌ حَاجِبَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، بِالْمَسِيرِ، وَضَمَّ إِلَيْهِ جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ الْعَسَاكِرِ وَالْأُمَرَاءِ، فَاجْتَمَعُوا فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَسَارُوا إِلَى أَنْ قَارَبُوا مُقَدِّمَةَ سَنْجَرَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَمِيرُ أُنَرُ، فَرَاسَلَهُ الْأَمِيرُ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ يُعَرِّفُهُ وَصِيَّةَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ بِتَعْظِيمِ سَنْجَرَ وَالرُّجُوعِ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَالْقَبُولِ مِنْهُ، وَأَنَّهُ ظَنَّ أَنْ سَنْجَرَ يَحْفَظُ السَّلْطَنَةَ عَلَى وَلَدِهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَأَخَذَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ الْعُهُودَ، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُخَالِفَهُ، وَحَيْثُ جِئْتُمْ إِلَى بِلَادِنَا لَا نَحْتَمِلُ ذَلِكَ، وَلَا نُغْضِي عَلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَعَكَ خَمْسَةَ آلَافِ فَارِسٍ، فَأَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَقَلَّ مِنْهُمْ لِتَعْلَمَ أَنَّكُمْ لَا تُقَاوِمُونَنَا، وَلَا تَقْوَوْنَ بِنَا.
فَلَمَّا سَمِعَ الْأَمِيرُ أُنَرُ ذَلِكَ عَادَ عَنْ جُرْجَانَ وَلَحِقَهُ بَعْضُ عَسْكَرِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَأَخَذُوا قِطْعَةً مِنْ سَوَادِهِ، وَأَسَرُوا عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute