للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَاعِدَةٍ امْتُنِعَ مِنْهَا، وَلَزِمَ لَجَاجَهُ، وَنَهَبَ جَشِيرًا لِلسُّلْطَانِ. فَسَارَ السُّلْطَانُ عَنْ بَغْدَاذَ، فِي شَوَّالٍ، إِلَى قَصْدِ دُبَيْسٍ بِالْحِلَّةِ، وَاسْتَصْحَبَ أَلْفَ سَفِينَةٍ لِيَعْبُرَ فِيهَا، فَلَمَّا عَلِمَ دُبَيْسٌ مَسِيرَ السُّلْطَانِ أَرْسَلَ يَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ، وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُغَالِطَهُ لِيَتَجَهَّزَ، فَأَرْسَلَ نِسَاءَهُ إِلَى الْبَطِيحَةِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ وَسَارَ عَنِ الْحِلَّةِ، بَعْدَ أَنْ نَهَبَهَا، إِلَى إِيلْغَازِي مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ، وَوَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَى الْحِلَّةِ، فَلَمْ يَرَ أَحَدًا، فَبَاتَ بِهَا لَيْلَةً وَاحِدَةً وَعَادَ.

وَأَقَامَ دُبَيْسٌ عِنْدَ إِيلْغَازِي، وَتَرَدَّدَ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ أَخَاهُ مَنْصُورًا فِي جَيْشٍ مِنْ قَلْعَةِ جَعْبَرَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَنَظَرَ الْحِلَّةَ، وَالْكُوفَةَ، وَانْحَدَرَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَرْنَقْشَ الزَّكْوِيِّ يَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ حَالَهُ مَعَ السُّلْطَانِ، فَلَمْ يَتِمَّ أَمْرُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ دُبَيْسٍ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَيَدْعُوهُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَسَارَ مِنْ قَلْعَةِ جَعْبَرَ إِلَى الْحِلَّةِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَدَخَلَهَا وَمَلَكَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ يَعْتَذِرُ، وَيَعِدُ مِنْ نَفْسِهِ الطَّاعَةَ، فَلَمْ يُجَبْ إِلَى ذَلِكَ.

وَسُيِّرَتْ إِلَيْهِ الْعَسَاكِرُ، فَلَمَّا قَارَبُوهُ فَارَقَ الْحِلَّةَ، وَدَخَلَ إِلَى الْأَزْبَرِ، وَهُوَ نَهْرُ سِنْدَادَ، وَوَصَلَ الْعَسْكَرُ إِلَيْهَا وَهِيَ فَارِغَةٌ قَدْ أُجْلِيَ أَهْلُهَا عَنْهَا وَلَيْسَ بِهَا إِقَامَةٌ فَكَانَتِ الْمِيرَةُ تُنْقَلُ مِنْ بَغْدَاذَ، وَكَانَ مُقَدَّمَ الْعَسْكَرِ سَعْدُ الدَّوْلَةِ يَرْنَقْشَ الزَّكْوِيُّ، فَتَرَكَ بِالْحِلَّةِ خَمْسَمِائَةِ فَارِسٍ، وَبِالْكُوفَةِ جَمَاعَةً أُخْرَى تَحَفَظُ الطَّرِيقَ عَلَى دُبَيْسٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَسْكَرِ وَاسِطَ يَحْفَظُ طَرِيقَ الْبَطِيحَةِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَعَبَرَ عَسْكَرُ السُّلْطَانِ إِلَى دُبَيْسٍ، فَبَقِيَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ نَهْرٌ يُخَاضُ فِيهِ مَوَاضِعُ، فَتَرَاسَلَ يَرْنَقْشُ وَدُبَيْسٌ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُرْسِلَ دُبَيْسٌ أَخَاهُ مَنْصُورًا رَهِينَةً، وَيُلَازِمَ الطَّاعَةَ، فَفَعَلَ، وَعَادَ الْعَسْكَرُ إِلَى بَغْدَاذَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ.

ذِكْرُ خُرُوجِ الْكُرْجِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَمُلْكِ تِفْلِيسَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْكُرْجُ، وَهُمُ الْخَزَرُ، إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَكَانُوا قَدِيمًا يُغِيرُونَ، فَامْتَنَعُوا أَيَّامَ السُّلْطَانِ مُلْكِشَاهْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>