سِلَاحًا وَخَيْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَمَرِضَ السُّلْطَانُ بِبَغْدَاذَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاءُ بِمُفَارَقَتِهَا، فَرَحَلَ إِلَى هَمَذَانَ، فَلَمَّا وَصَلَهَا عُوفِيَ.
ذِكْرُ مَصَافٍّ بَيْنَ طُغْتِكِينَ أَتَابِكَ وَالْفِرِنْجِ بِالشَّامِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَتِ الْفِرِنْجُ وَمُلُوكُهَا وَقَمَامِصَتُهَا وَكُنُودُهَا وَسَارُوا إِلَى نَوَاحِي دِمَشْقَ فَنَزَلُوا بِمَرْجِ الصُّفَّرِ عِنْدَ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا سَقْبَا بِالْقُرْبِ مِنْ دِمَشْقَ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَدَّ خَوْفُهُمْ، وَكَاتَبَ طُغْتِكِينُ أَتَابِكُ صَاحِبُهَا أُمَرَاءَ التُّرْكُمَانِ مِنْ دِيَارِ بَكْرٍ وَغَيْرِهَا وَجَمَعَهُمْ وَكَانَ قَدْ سَارَ عَنْ دِمَشْقَ إِلَى جِهَةِ الْفِرِنْجِ وَاسْتَخْلَفَ بِهَا ابْنَهُ تَاجَ الْمُلُوكِ بُورِيَّ فَكَانَ بِهَا، كُلَّمَا جَاءَتْ طَائِفَةٌ أَحْسَنَ ضِيَافَتَهُمْ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى أَبِيهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا سَارَ بِهِمْ طُغْتِكِينُ إِلَى الْفِرِنْجِ فَالْتَقَوْا أَوَاخِرَ ذِي الْحِجَّةِ وَاقْتَتَلُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، فَسَقَطَ طُغْتِكِينُ عَنْ فَرَسِهِ، فَظَنَّ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ قُتِلَ، فَانْهَزَمُوا وَرَكِبَ طُغْتِكِينُ فَرَسَهُ وَلَحِقَهُمْ وَتَبِعَهُمُ الْفِرِنْجُ وَبَقِيَ التُّرْكُمَانُ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَلْحَقُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْهَزِيمَةِ فَتَخَلَّفُوا، فَلَمَّا رَأَوْا فُرْسَانَ الْفِرِنْجِ قَدْ تَبِعُوا الْمُنْهَزِمِينَ وَأَنَّ مُعَسْكَرَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ وَلَا حَامٍ حَمَلُوا عَلَى الرَّجَّالَةِ فَقَتَلُوهُمْ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ، وَنَهَبُوا مُعَسْكَرَ الْفِرِنْجِ وَخِيَامَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَجَمِيعَ مَا مَعَهُمْ وَفِي جُمْلَتِهِ كَنِيسَةٌ وَفِيهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ مَا لَا يَقُومُ كَثْرَةً فَنَهَبُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ وَعَادُوا إِلَى دِمَشْقَ سَالِمِينَ لَمْ يُعْدَمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمَّا رَجَعَ الْفِرِنْجُ مِنْ أَثَرِ الْمُنْهَزِمِينَ وَرَأَوْا رَجَّالَتَهُمْ قَتْلَى وَأَمْوَالَهُمْ مَنْهُوبَةً تَمُّوا مُنْهَزِمِينَ لَا يَلْوِي الْأَخُ عَلَى أَخِيهِ، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ طَائِفَتَيْنِ تَنْهَزِمَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبَتِهَا!
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ الْفِرِنْجُ رَفَنِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، وَهِيَ بَيْدِ الْمُسْلِمِينَ، وَضَيَّقُوا عَلَيْهَا فَمَلَكُوهَا.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَزَالِيُّ، الْوَاعِظُ، وَهُوَ أَخُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute