للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِرِنْجَ أَخَذُوا كُلَّ مَا لَنَا، وَالْكُتُبَ الَّتِي لِلْأَمْلَاكِ فِيهَا.

فَقَالَ: اطْلُبُوا دَفَاتِرَ حَلَبَ، وَكُلَّ مَنْ عَلَيْهِ خَرَاجٌ عَلَى مِلْكٍ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ، فَفَعَلُوا ذَاكَ، وَأَعَادَ عَلَى النَّاسِ أَمْلَاكَهُمْ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَفْعَالِ وَأَعْدَلِهَا.

ذِكْرُ خُرُوجِ مَلِكِ الرُّومِ مِنْ بِلَادِهِ إِلَى الشَّامِ

قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفِرِنْجَ أَرْسَلُوا إِلَى مَلِكِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ يَسْتَصْرِخُونَ بِهِ، وَيُعَرِّفُونَهُ مَا فَعَلَهُ زَنْكِي فِيهِمْ، وَيَحُثُّونَهُ عَلَى لَحَاقِ الْبِلَادِ قَبْلَ أَنْ تُمْلَكَ وَلَا يَنْفَعَهُ حِينَئِذٍ الْمَجِيءُ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ مُجِدًّا، فَابْتَدَأَ وَرَكِبَ الْبَحْرَ وَسَارَ إِلَى مَدِينَةِ أَنْطَالِيَّةَ، وَهِيَ لَهُ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَأَرْسَى فِيهَا، وَأَقَامَ يَنْتَظِرُ وُصُولَ الْمَرَاكِبِ الَّتِي فِيهَا أَثْقَالُهُ وَسِلَاحُهُ، فَلَمَّا وَصَلَتْ سَارَ عَنْهَا إِلَى مَدِينَةِ نِيقِيَّةَ وَحَصَرَهَا، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى مَالٍ يُؤَدُّونَهُ إِلَيْهِ.

وَقِيلَ: بَلْ مَلَكَهَا وَسَارَ عَنْهَا إِلَى مَدِينَةِ أَدَنَةَ وَمَدِينَةِ الْمِصِّيصَةِ، وَهُمَا بِيَدِ ابْنِ لِيُونَ الْأَرْمَنِيِّ صَاحِبِ قِلَاعِ الدُّرُوبِ فَحَصَرَهُمَا وَمَلَكَهُمَا.

وَرَحَلَ إِلَى عَيْنِ زَرْبَةَ فَمَلَكَهَا عَنْوَةً، وَمَلَكَ تَلَّ حَمْدُونَ، وَحَمَلَ أَهْلَهُ إِلَى جَزِيرَةِ قُبْرُسَ، وَعَبَرَ مِينَاءَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَحَصَرَ مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَّةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا وَبِهَا صَاحِبُهَا الْفِرِنْجِيُّ رِيمُنْدْ، فَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمَا، فَتَصَالَحَا وَرَحَلَ عَنْهَا إِلَى بُغْرَاصَ، وَدَخَلَ مِنْهَا بَلَدَ ابْنِ لِيُونَ الْأَرْمَنِيِّ، فَبَذَلَ لَهُ ابْنُ لِيُونَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً وَدَخَلَ فِي طَاعَتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>