وَكَانَ يُقِيمُ مَئُونَةَ السُّلْطَانِ وَوَظَائِفِهِ، وَجَمَعَ لَهُ خَزَائِنَ كَثِيرَةً، وَكَشَفَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً كَانَتْ مَسْتُورَةً يُخَانْ فِيهَا وَيُسْرَقُ، فَثَقُلَ عَلَى الْمُتَصَرِّفِينَ وَأَرْبَابِ الْأَعْمَالِ، فَأَوْقَعُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمَرَاءِ، لَا سِيَّمَا قَرَاسُنْقُرَ صَاحِبَ أَذْرَبِيجَانَ، فَإِنَّهُ فَارَقَ السُّلْطَانَ، وَأَرْسَلَ يَقُولُ:
إِمَّا أَنْ تُنْقِذَ رَأْسَ الْوَزِيرِ وَإِلَّا خَدَمْنَا سُلْطَانًا آخَرَ. فَأَشَارَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْأُمَرَاءِ بِقَتْلِهِ، وَحَذَّرُوهُ فِتْنَةً لَا تَتَلَافَى، فَقَتَلَهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ، وَأَرْسَلَ رَأْسَهُ إِلَى قَرَاسُنْقُرَ فَرَضِيَ. وَكَانَتْ وِزَارَتُهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ قَتْلُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ.
وَوَزَرَ بَعْدَهُ أَبُو الْعِزِّ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُرُوجِرْدِيُّ وَزِيرُ قَرَاسُنْقُرَ، وَلُقِّبَ عَزَّ الْمُلْكِ، وَضَاقَتِ الْأُمُورُ عَلَى السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، وَاسْتَقْطَعَ الْأُمَرَاءُ الْبِلَادَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ مِنِ الْبِلَادِ أَلْبَتَّةَ إِلَّا اسْمُ السَّلْطَنَةِ لَا غَيْرَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ حُسَامُ الدِّينِ تَمُرْتَاشُ إِيلْغَازِي صَاحِبُ مَارِدِينَ قَلْعَةَ الْهَتَّاخِ مِنْ بِلَادِ دِيَارِ بَكْرٍ، أَخَذَهَا مِنْ بَعْضِ بَنِي مَرْوَانَ الَّذِينَ كَانُوا مُلُوكَ دِيَارِ بَكْرٍ جَمِيعِهَا، وَهَذَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ لَهُ وِلَايَةٌ، فَسُبْحَانَ الْحَيِّ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَزُولُ مُلْكُهُ، وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ النَّقْصُ وَلَا التَّغْيِيرُ.
وَفِيهَا انْقَطَعَتْ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَقَامَ بِكِسْوَتِهَا رَامَشْتُ التَّاجِرُ الْفَارِسِيُّ، كَسَاهَا مِنَ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ بِكُلِّ مَا وُجِدَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ، فَبَلَغَ ثَمَنُ الْكُسْوَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ مِصْرِيَّةٍ، وَهُوَ مِنَ التُّجَّارِ الْمُسَافِرِينَ إِلَى الْهِنْدِ كَثِيرُ الْمَالِ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ زُبَيْدَةُ خَاتُونُ ابْنَةُ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارْقَ زَوْجُ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ، وَتَزَوَّجَ بَعْدَهَا سُفْرَى ابْنَةَ دُبَيْسِ بْنِ صَدَقَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَتَزَوَّجَ ابْنَةَ قَاوَرْتَ، وَهُوَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute