للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَكْرَمَ الْخَلِيفَةُ زَوْجَتَهُ وَمَنْ مَعَهَا، وَأَذِنَ فِي الْقُدُومِ وَمَعَهُ عَسْكَرٌ خَفِيفٌ يَبْلُغُونَ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ، فَخَرَجَ وَلَدُ الْوَزِيرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ يَلْتَقِيهِ، وَمَعَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ وَالنَّقِيبَانِ، وَلَمْ يَتَرَجَّلْ لَهُ ابْنُ الْوَزِيرِ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَعَلَى رَأْسِهِ الشِّمْسَةُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ إِلَى أَنْ دَخَلَ الْمُحَرَّمُ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فَأُحْضِرَ فِيهِ سُلَيْمَانُ شَاهْ إِلَى دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَأُحْضِرَ قَاضِي الْقُضَاةِ وَالشُّهُودُ وَأَعْيَانُ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَحَلَفَ لِلْخَلِيفَةِ عَلَى النُّصْحِ وَالْمُوَافَقَةِ وَلُزُومِ الطَّاعَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ إِلَى الْعِرَاقِ بِحَالٍ.

فَلَمَّا حَلَفَ خُطِبَ لَهُ بِبَغْدَادَ وَلُقِّبَ أَلْقَابَ أَبِيهِ غِيَاثِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَبَاقِي أَلْقَابِهِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ خِلَعُ السَّلْطَنَةِ، وَسُيِّرَ مَعَهُ مِنْ عَسْكَرِ بَغْدَادَ ثَلَاثَةُ آلَافِ فَارِسٍ، وَجُعِلَ الْأَمِيرُ قُوَيْدَانُ صَاحِبُ الْحِلَّةِ أَمِيرَ حَاجِبٍ مَعَهُ، وَسَارَ نَحْوَ بِلَادِ الْجَبَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَسَارَ الْخَلِيفَةُ إِلَى حُلْوَانَ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَلِكْشَاهِ ابْنِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ أَخِي السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ هَمَذَانَ وَغَيْرِهَا يَدْعُوهُ إِلَى مُوَافَقَتِهِ، فَقَدِمَ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ، فَحَلَفَ كُلُّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَجُعِلَ مَلِكْشَاهْ وَلِيَ عَهْدِ سُلَيْمَانَ شَاهْ، وَقَوَّاهُمَا الْخَلِيفَةُ بِالْمَالِ وَالْأَسْلِحَةِ وَغَيْرِهَا، فَسَارُوا وَاجْتَمَعُوا هُمْ وَإِيلْدِكْزُ، فَصَارُوا فِي جَمْعٍ كَبِيرٍ.

فَلَمَّا سَمِعَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ خَبَرَهُمْ أَرْسَلَ إِلَى قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودٍ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَنَائِبِهِ زَيْنِ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُمَا الْمُسَاعَدَةَ وَالْمُعَاضَدَةَ، وَيَبْذُلُ لَهُمَا الْبَذُولَ الْكَثِيرَةَ إِنْ ظَفِرَ، فَأَجَابَاهُ إِلَى ذَلِكَ وَوَافَقَا، فَقَوِيَتْ نَفْسُهُ وَسَارَ إِلَى لِقَاءِ سُلَيْمَانْ شَاهْ وَمَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مِنْ عَسَاكِرِهِ، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَانْهَزَمَ سُلَيْمَانُ شَاهْ وَمَنْ مَعَهُ، وَتَشَتَّتَ الْعَسْكَرُ وَوَصَلَ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ - وَكَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافِ رَجُلٍ - نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>