للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخِذَتْ خُيُولُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَتَشَتَّتُوا، وَجَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ.

وَفَارَقَ سَلِيمَانُ شَاهْ إِيلْدِكْزَ وَسَارَ نَحْوَ بَغْدَادَ عَلَى شَهْرَزَوْرَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ زَيْنُ الدِّينِ عَلِيٌّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عَسْكَرِ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ بِشَهْرَزَوْرَ الْأَمِيرُ بَزَّانُ مُقْطِعًا لَهَا مِنْ جِهَةِ زَيْنِ الدِّينِ، فَخَرَجَ زَيْنُ الدِّينِ وَسَارَ، فَوَقَفَا عَلَى طَرِيقِ سُلَيْمَانَ شَاهْ، فَأَخَذَاهُ أَسِيرًا، وَحَمَلَهُ زَيْنُ الدِّينِ إِلَى قَلْعَةِ الْمَوْصِلِ وَحَبَسَهُ بِهَا مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إِلَى أَنْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمَّا قُبِضَ سُلَيْمَانُ شَاهْ أَرْسَلَ زَيْنُ الدِّينِ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَوَعَدَهُ الْمُعَاضَدَةَ عَلَى كُلِّ مَا يُرِيدُهُ مِنْهُ.

ذِكْرُ حَصْرِ نُورِ الدِّينِ قَلْعَةَ حَارِمَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودٌ الزَّنْكِي إِلَى قَلْعَةِ حَارِمَ، وَهِيَ لِلْفِرِنْجِ، ثُمَّ لِبَيْمُنْدَ، صَاحِبِ أَنْطَاكِيَةَ، وَهِيَ تُقَارِبُ أَنْطَاكِيَةَ مِنْ شَرْقِيِّهَا، وَحَصَرَهَا وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، وَهِيَ قَلْعَةٌ مَنِيعَةٌ فِي نُحُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَاجْتَمَعَتِ الْفِرِنْجُ مَنْ قُرْبٍ مِنْهَا وَمِنْ بُعْدٍ، وَسَارُوا نَحْوَهُ لِيُرَحِّلُوهُ عَنْهَا.

وَكَانَ بِالْحِصْنِ شَيْطَانٌ مِنْ شَيَاطِينِهِمْ يَعْرِفُونَ عَقْلَهُ وَيَرْجِعُونَ إِلَى رَأْيِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَقُولُ: إِنَّنَا نَقْدِرُ عَلَى حِفْظِ الْقَلْعَةِ، وَلَيْسَ بِنَا ضَعْفٌ، فَلَا تُخَاطِرُوا أَنْتُمْ بِاللِّقَاءِ، فَإِنَّهُ إِنْ هَزَمَكُمْ أَخَذَهَا وَغَيْرَهَا، وَالرَّأْيُ مُطَاوَلَتُهُ ; فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ وَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ نِصْفَ أَعْمَالِ حَارِمَ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، وَرَحَلَ عَنْهُمْ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>