للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُ عَصَى عَلَى الْمُؤَيَّدِ، وَتَحَصَّنَ بِحِصْنِهِ، فَأَخَذَهُ الْمُؤَيَّدُ مِنْهُ قَهْرًا وَعَنْوَةً، وَقَيَّدَهُ، وَاحْتَاطَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَتَلَهُ وَأَرَاحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ وَمِنْ شَرِّهِ وَفَسَادِهِ.

وَقَصَدَ الْمُؤَيَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاحِيَةَ بَيْهَقَ عَازِمًا عَلَى قِتَالِهِمْ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ، فَلَمَّا قَارَبَهَا أَتَاهُ زَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا وَدَعَاهُ إِلَى الْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَالْحِلْمِ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، وَوَعَظَهُ وَذَكَّرُهُ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ وَرَحَلَ عَنْهُمْ، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ رُكْنُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ الْخَانْ إِلَى الْمُؤَيَّدِ بِتَقْرِيرِ نَيْسَابُورَ وَطُوسَ وَأَعْمَالِهَا عَلَيْهِ، وَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهَا إِلَيْهِ، فَعَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ رَابِعَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِمَا تَقَرَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلِكِ مَحْمُودِ وَبَيْنَ الْغُزِّ مِنْ إِبْقَاءِ نَيْسَابُورَ عَلَيْهِ لِيَزُولَ الْخُلْفُ وَالْفِتَنُ عَنِ النَّاسِ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ وَيَغْمُرْخَانْ

لَمَّا قَصَدَ يَغْمُرْخَانِ الْغُزَّ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِمْ لِيَنْصُرُوهُ عَلَى إِيثَاقَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَسَّنَ لِلْخَوَارِزْمِيَّةِ قَصْدَهُ، أَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، وَسَارُوا مَعَهُ عَلَى طَرِيقِ نَسَا وَأَبِيوَرْدَ، وَوَصَلُوا إِلَى الْأَمِيرِ إِيثَاقَ فَلَمْ يَجِدْ لِنَفْسِهِ بِهِمْ قُوَّةً، فَاسْتَنْجَدَ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ، فَجَاءَهُ وَمَعَهُ مِنَ الْأَكْرَادِ وَالدَّيْلَمِ وَالْأَتْرَاكِ وَالتُّرْكُمَانِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ نَوَاحِي أَبَسْكُونَ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَاقْتَتَلُوا وَدَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَانْهَزَمَ الْأَتْرَاكُ الْغُزِّيَّةُ وَالْبَرْزِيَّةُ مِنْ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَيَعُودُونَ.

وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ الْأَمِيرُ إِيثَاقُ، فَحَمَلَتِ الْأَتْرَاكُ الْغُزِّيَّةُ عَلَيْهِ لَمَّا أَيِسُوا مِنَ الظَّفَرِ بِقَلْبِ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ، فَانْهَزَمَ إِيثَاقُ وَتَبِعَهُ بَاقِي الْعَسْكَرِ، وَوَصَلَ شَاهْ مَازَنْدَرَانْ إِلَى سَارِيَةٍ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِهِ أَكْثَرُهُمْ.

وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ التُّجَّارِ كَفَّنَ وَدَفَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَى سَبْعَةَ آلَافِ رَجُلٍ.

وَأَمَّا إِيثَاقُ فَإِنَّهُ قَصَدَ فِي هَرَبِهِ خُوَارَزْمَ وَأَقَامَ بِهَا، وَسَارَ الْغُزُّ مِنَ الْمَعْرَكَةِ إِلَى دِهِسْتَانَ، وَكَانَ الْحَرْبُ قَرِيبًا مِنْهَا، فَنَقَبُوا سُورَهَا، وَأَوْقَعُوا بِأَهْلِهَا وَنَهَبُوهُمْ أَوَائِلَ سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَبَعْدَ أَنْ خَرَّبُوا جُرْجَانَ وَفَرَّقُوا أَهْلَهَا فِي الْبِلَادِ وَعَادُوا إِلَى خُرَاسَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>