للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْفَى لِلْوَيْلِ، وَالثَّبَاتُ أَفْضَلُ مِنَ الْقُوَّةِ، وَأَهْنَأُ الظَّفَرِ كَثْرَةُ الْأَسْرَى، وَخَيْرُ الْغَنِيمَةِ الْمَالُ، وَلَا تَرْهَبُوا الْمَوْتَ عِنْدَ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ مِنْ وَرَائِكُمْ، وَحُبُّ الْحَيَاةِ لَدَى الْحَرْبِ زَلَلٌ، وَمِنْ خَيْرِ أُمَرَائِكُمُ النُّعْمَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حَارِثِ بْنِ جَسَّاسٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي تَمِيمِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ أُدٍّ.

فَقَبِلُوا مَشُورَتَهُ، وَنَزَلَتْ عَمْرُو بْنُ حَنْظَلَةَ الدَّهْنَاءَ، وَنَزَلَتْ سَعْدٌ وَالرِّبَابُ الْكُلَابَ، وَأَقْبَلَتْ مَذْحِجٌ وَمَنْ مَعَهَا مِنْ قُضَاعَةَ فَقَصَدُوا الْكُلَابَ، وَبَلَغَ سَعْدًا وَالرِّبَابَ الْخَبَرُ. فَلَمَّا دَنَتْ مَذْحِجٌ نَذَرَهُمْ شُمَيْتُ بْنُ زِنْبَاعَ الْيَرْبُوعِيُّ، فَرَكِبَ جَمَلَهُ وَقَصَدَ سَعْدًا وَنَادَى: يَا آلَ تَمِيمٍ يَا صَاحِبَاهُ! فَثَارَ النَّاسُ، وَانْتَهَتْ مَذْحِجٍ إِلَى النَّعَمِ فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ، وَرَاجِزُهُمْ يَقُولُ:

فِي كُلِّ عَامٍ نَعَمٌ نَنْتَابُهْ ... عَلَى الْكُلَابِ غُيِّبَتْ أَصْحَابُهْ

يَسْقُطُ فِي آثَارِهِ غُلَّابُهْ

فَلَحِقَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ وَالنُّعْمَانُ بْنُ جَسَّاسٍ وَمَالِكُ بْنُ الْمُنْتَفِقِ فِي سُرْعَانِ النَّاسِ، فَأَجَابَهُ قَيْسٌ يَقُولُ:

عَمَّا قَلِيلٍ تَلْتَحِقْ أَرْبَابُهْ ... مِثْلَ النُّجُومِ حُسَّرًا سَحَابُهْ

لَيَمْنَعَنَّ النَّعَمَ اغْتِصَابُهْ ... سَعْدٌ وَفُرْسَانُ الْوَغَى أَرْبَابُهْ

ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ قَيْسٌ وَهُوَ يَقُولُ:

فِي كُلِّ عَامٍ نَعَمٌ تَحْوُونَهُ ... يَلْقَحُهُ قَوْمٌ وَتُنْتِجُونَهُ

أَرْبَابُهُ نَوْكَى فَلَا يَحْمُونَهُ ... وَلَا يُلَاقُونَ طِعَانًا دُونَهُ

أَنَعَمَ الْأَبْنَاءِ تَحْسِبُونَهُ ... هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تَرْجُونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>