للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، فَأَقَامَ هُوَ حَتَّى أَتَاهُ خَبَرُ الزَّلْزَلَةِ الْحَادِثَةِ فَرَحَلَ.

وَأَمَّا نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى مِصْرَ سَالِمًا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَخَرَجَ الْعَاضِدُ الْخَلِيفَةُ فَالْتَقَاهُ إِكْرَامًا لَهُ.

ذِكْرُ غَزْوَةٍ لِسَرِيَّةٍ نُورِيَّةٍ

كَانَ شِهَابُ الدِّينِ إِلْيَاسُ بْنُ إِيلْغَازِي بْنِ أَرْتِقَ، صَاحِبُ قَلْعَةِ الْبِيرَةِ، قَدْ سَارَ فِي عَسْكَرِهِ، وَهُوَ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ، إِلَى نُورِ الدِّينِ وَهُوَ بِعَشْتَرَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى قَرْيَةِ اللَّبْوَةِ، وَهِيَ مِنْ عَمَلِ بَعْلَبَكَّ، رَكِبَ مُتَصَيِّدًا، فَصَادَفَ ثَلَاثَمِائَةِ فَارِسٍ مَنَّ الْفِرِنْجِ قَدْ سَارُوا لِلْإِغَارَةِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالًا، فَوَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاقْتَتَلُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ لَا سِيَّمَا الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّ أَلْفَ فَارِسٍ لَا يَصْبِرُونَ لِحَمْلَةِ ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ إِفْرِنْجِيَّةٍ، وَكَثُرَ الْقَتْلَى بَيْنَ الطَّائِفِينَ، فَانْهَزَمَ الْفِرِنْجُ، وَعَمَّهُمُ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ.

وَسَارَ شِهَابُ الدِّينِ بِرُءُوسِ الْقَتْلَى وَبِالْأَسْرَى إِلَى نُورِ الدِّينِ، فَرَكِبَ نُورُ الدِّينِ وَالْعَسْكَرِ، فَلَقُوهُمْ، فَرَأَى نُورُ الدِّينِ فِي الرُّءُوسِ رَأْسَ مُقَدَّمِ الْإِسْبِتَارِ، صَاحِبِ حِصْنِ الْأَكْرَادِ، وَكَانَ مِنَ الشَّجَاعَةِ بِمَحَلٍّ كَبِيرٍ، وَكَانَ شَجًّا فِي حُلُوقِ الْمُسْلِمِينَ.

ذِكْرُ الزَّلْزَلَةِ وَمَا فَعَلَتْهُ بِالشَّامِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، ثَانِيَ عَشَرَ شَوَّالًا، كَانَتْ زَلَازِلُ عَظِيمَةٌ مُتَتَابِعَةٌ هَائِلَةٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهَا، وَعَمَّتْ أَكْثَرَ الْبِلَادِ مِنَ الشَّامِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالْمَوْصِلِ، وَالْعِرَاقِ، وَغَيْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>