مَعَهُ إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ عَلَى السَّطْحِ لِيَحْذَرُوا، وَكَانُوا كُلَّمَا صَاحُوا صَاحَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ لِتَخْتَلِفَ الْأَصْوَاتُ فَلَا يَفْهَمُ الَّذِينَ عَلَى السَّطْحِ، فَيَنْزِلُونَ وَيَمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا عَشَرَةُ رِجَالٍ أَرْسَلَتْ مَعَ خَادِمٍ عِنْدَهَا إِلَى زَوْجِهَا قَدَحَ شَرَابٍ وَأَمَرَتْهُ أَنْ يَقْرُبَ مِنْهُ كَأَنَّهُ يَسْقِيهِ الشَّرَابَ وَيُعَرِّفُهُ الْحَالَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَسْقِيَهُ، وَعَرَّفَهُ الْحَالَ، فَقَالَ: ازْدَادُوا مِنَ الرِّجَالِ، فَأَصْعَدَتْ عِشْرِينَ رَجُلًا وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَمَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ الْمُوَكَّلَيْنِ بِهِ، فَأَخَذَ شُعُورَهَمُاَ، وَأَمَرَ الْخَادِمَ بِقَتْلِهِمَا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عِنْدَهُ، فَقَتَلَهُمَا بِسِلَاحِهِمَا، فَخَرَجَ وَاجْتَمَعَ بِأَصْحَابِهِ وَأَرَادُوا فَتْحَ الْقَلْعَةِ لِيَصْعَدَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ مِنَ الْقَلْعَةِ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَفَاتِيحَ، وَكَانَتْ مَعَ أُولَئِكَ الرِّجَالِ الَّذِينَ عَلَى السَّطْحِ، فَاضْطَرُّوا إِلَى الصُّعُودِ إِلَى سَطْحِ الْقُلَّةِ لِيَأْخُذُوا أَصْحَابَ عِيسَى، فَعَلِمُوا الْحَالَ، فَجَاءُوا وَوَقَفُوا عَلَى رَأْسِ الْمَمْرَقِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ [أَنْ] يَصْعَدَ، فَأَخَذَ بَعْضُ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ تُرْسًا وَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَحَصَلَ فِي الدَّرَجَةِ، وَصَعَدَ وَقَاتَلَ الْقَوْمَ عَلَى رَأْسِ الْمَمْرَقِ، حَتَّى صَعِدَ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوا الْجَمَاعَةَ وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنَ السَّطْحِ، فَنَزَلَ إِلَى أَسْفَلِ الْجَبَلِ فَتَقَطَّعَ. فَلَمَّا رَأَى عِيسَى مَا حَلَّ بِأَصْحَابِهِ عَادَ خَائِبًا مِمَّا أَمَّلَهُ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمِيرُ إِبْرَاهِيمُ فِي قَلْعَتِهِ عَلَى حَالِهِ.
ذِكْرُ نَهْبِ الْبَنْدَنِيجِينِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ الْمَلِكُ الَّذِي بِخُوزِسْتَانَ عِنْدَ شُمْلَةَ، وَهُوَ ابْنُ مَلِكْشَاهْ بْنِ مَحْمُودٍ، إِلَى الْبَنْدَنِيجِينِ، فَخَرَّبَهَا وَنَهَبَهَا وَفَتَكَ فِي النَّاسِ، وَسَبَى حَرِيمَهُمْ، وَفَعَلَ كُلَّ قَبِيحٍ.
وَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ فَخَرَجَ الْوَزِيرُ عَضُدُ الدِّينِ وَعَرَضَ الْعَسْكَرَ، وَوَصَلَ عَسْكَرُ الْحِلَّةَ وَوَاسِطَ مَعَ طَاشْتَكِينَ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَغَرْغَلِي، وَسَارُوا نَحْوَ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا سَمِعَ بِوُصُولِهِمْ فَارَقَ مَكَانَهُ وَعَادَ، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ التُّرْكُمَانِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَنَهَبَهُمْ عَسْكَرُ بَغْدَادَ، وَرَجَعُوا مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ بِالْعَوْدِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا بِالْعُوْدِ إِلَى مَوَاقِفِهِمْ، فَعَادُوا لِأَوَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ رَجَعَ الْمَلِكُ فَنَهَبَ مِنَ الْبَنْدَنِيجِينِ مَا كَانَ سَلِمَ مِنَ النَّهْبِ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَلِكِ وَقْعَةٌ. ثُمَّ افْتَرَقُوا، فَمَضَى الْمَلِكُ وَفَارَقَ وِلَايَةَ الْعِرَاقِ وَعَادَ عَسْكَرُ بَغْدَادَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute