للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِجَايَةَ فَمَلَكَهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ بِوَفَاةِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَمَّرَ أُسْطُولَهُ فَكَانَ عِشْرِينَ قِطْعَةً وَسَارَ فِي جُمُوعِهِ فَأَرْسَى فِي سَاحِلِ بِجَايَةَ، وَخَرَجَتْ خَيْلُهُ وَرِجَالُهُ مِنَ الشَّوَانِيِّ فَكَانُوا نَحْوَ مِائَتَيْ فَارِسٍ مِنَ الْمُلَثَّمِينَ وَأَرْبَعَةِ آلَافِ رَاجِلٍ، فَدَخَلَ مَدِينَةَ بِجَايَةَ بِغَيْرِ قِتَالٍ لِأَنَّهُ اتَّفَقَ أَنَّ وَالِيَهَا سَارَ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ إِلَى مُرَّاكِشَ وَلَمْ يَتْرُكْ فِيهَا جَيْشًا وَلَا مُمَانِعًا لِعَدَمِ عَدُوٍّ يَحْفَظُهَا مِنْهُ، فَجَاءَ الْمُلَثَّمُ وَلَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِمْ أَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَى بِهَا وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَقَايَا دَوْلَةِ بَنِي حَمَّادٍ وَصَارُوا مَعَهُ فَكَثُرَ جَمْعُهُ بِهِمْ وَقَوِيَتْ نَفْسُهُ، فَسَمِعَ خَبَرَهُ وَالِي بِجَايَةَ فَعَادَ مِنْ طَرِيقِهِ وَمَعَهُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، فَجَمَعَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْقَبَائِلِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الْجِهَاتِ نَحْوَ أَلْفِ فَارِسٍ، فَسَمِعَ بِهِمُ الْمُلَثَّمُ وَبِقُرْبِهِمْ مِنْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ صَارَ مَعَهُ قَدْرُ أَلْفِ فَارِسٍ، وَتَوَاقَفُوا سَاعَةً فَانْضَافَ جَمِيعُ الْجُمُوعِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ وَالِي بِجَايَةَ إِلَى الْمُلَثَّمِ، فَانْهَزَمَ حِينَئِذٍ وَالِي بِجَايَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ وَسَارُوا إِلَى مُرَّاكِشَ، وَعَادَ الْمُلَثَّمُ إِلَى بِجَايَةَ فَجَمَعَ جَيْشَهُ وَخَرَجَ إِلَى أَعْمَالِ بِجَايَةَ فَأَطَاعَهُ جَمِيعُهَا إِلَّا قُسَنْطِينَةَ الْهَوَى فَحَصَرَهَا إِلَى أَنْ جَاءَ جَيْشٌ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ مُرَّاكِشَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ إِلَى بِجَايَةَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَكَانَ بِهَا يَحْيَى وَعَبْدُ اللَّهِ أَخَوَا عَلِيِّ بْنَ إِسْحَاقَ الْمُلَثَّمِ، فَخَرَجَا مِنْهَا هَارِبَيْنِ وَلَحِقَا بِأَخِيهِمَا فَرَحَلَ عَنْ قُسَنْطِينَةَ وَسَارَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ.

وَكَانَ سَبَبُ إِرْسَالِ الْجَيْشِ مِنْ مُرَّاكِشَ أَنَّ وَالِيَ بِجَايَةَ وَصَلَ إِلَى يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ صَاحِبِ الْمَغْرِبِ وَعَرَّفَهُ مَا جَرَى بِبِجَايَةَ وَاسْتِيلَاءِ الْمُلَثَّمِينَ عَلَيْهَا، وَخَوْفِهِ عَاقِبَةَ التَّوَانِي، فَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ فِي الْبَرِّ عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ وَجَهَّزَ الْأُسْطُولَ فِي الْبَحْرِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ وَاسْتَعَادُوهَا.

ذِكْرُ وَفَاةِ صَاحِبِ مَارِدِينَ وَمُلْكِ وَلَدِهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ قُطْبُ الدِّينِ إِيلْغَازِيُّ بْنُ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ أَلْبِيِّ بْنِ تَمْرِتَاشَ بْنِ إِيلْغَازِيِّ بْنِ أَرْتَقَ صَاحِبُ مَارِدِينَ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ حُسَامُ الدِّينِ بَوْلَقُ أَرْسَلَانَ، وَهُوَ طِفْلٌ وَقَامَ بِتَرْبِيَتِهِ وَتَدْبِيرِ مَمْلَكَتِهِ نِظَامُ الدِّينِ الْبُقْشُ مَمْلُوكُ أَبِيهِ، وَكَانَ شَاهْ أَرْمَنَ صَاحِبُ خِلَاطَ خَالَ قُطْبِ الدِّينِ فَحَكَمَ فِي دَوْلَتِهِ، وَهُوَ رَتَّبَ الْبُقْشَ مَعَ وَلَدِهِ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>