للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَرَى عَلَى الْفِرِنْجِ خَاصَّةً، وَعَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ عَامَّةً.

ذِكْرُ عَوْدِ صَلَاحِ الدِّينِ إِلَى طَبَرِيَّةَ، وَمُلْكِ قَلْعَتِهَا مَعَ الْمَدِينَةِ

لَمَّا فَرَغَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ هَزِيمَةِ الْفِرِنْجِ أَقَامَ بِمَوْضِعِهِ بَاقِيَ يَوْمِهِ، وَأَصْبَحَ يَوْمَ الْأَحَدِ، فَعَادَ إِلَى طَبَرِيَّةَ وَنَازَلَهَا، فَأَرْسَلَتْ صَاحِبَتَهَا تَطْلُبُ الْأَمَانَ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا وَأَصْحَابِهَا وَمَالِهَا، فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجَتْ بِالْجَمِيعِ، فَوَفَّى لَهَا، فَسَارَتْ آمِنَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالْمَلِكِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْأَسْرَى فَأُرْسَلُوا إِلَى دِمَشْقَ، وَأَمَرَ بِمَنْ أُسِرَ مِنَ الدَّاوِيَّةِ وَالِاسْبِتَارِيَّةِ أَنْ يُجْمَعُوا لِيَقْتُلَهُمْ.

ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ أَسِيرٌ لَا يَسْمَحُ بِهِ لِمَا يَرْجُو مِنْ فِدَائِهِ، فَبَذَلَ فِي كُلِّ أَسِيرٍ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ خَمْسِينَ دِينَارًا مِصْرِيَّةً، فَأُحْضِرَ عِنْدَهُ فِي الْحَالِ مِائَتَا أَسِيرٍ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ.

وَإِنَّمَا خَصَّ هَؤُلَاءِ بِالْقَتْلِ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ شَوْكَةً مِنْ جَمِيعِ الْفِرِنْجِ، فَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِمْ، وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ بِدِمَشْقَ لِيَقْتُلَ مَنْ دَخَلَ الْبَلَدَ مِنْهُمْ سَوَاءً كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَلَقَدِ اجْتَزْتُ بِمَوْضِعِ الْوَقْعَةِ بَعْدَهَا بِنَحْوِ سَنَةٍ، فَرَأَيْتُ الْأَرْضَ مَلْأَى مِنْ عِظَامِهِمْ تَبِينُ عَلَى الْبُعْدِ، مِنْهَا الْمُجْتَمِعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَمِنْهَا الْمُفْتَرِقُ، هَذَا سِوَى مَا جَحَفَتْهُ السُّيُولُ، وَأَخَذَتْهُ السِّبَاعُ فِي تِلْكَ الْآكَامِ وَالْوِهَادِ.

ذِكْرُ فَتْحِ مَدِينَةِ عَكَّا

لَمَّا فَرَغَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ طَبَرِيَّةَ سَارَ عَنْهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَوَصَلَ إِلَى عَكَّا يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>