وَصَفُّورِيَّةَ، وَمَعْلَيَا، وَالشَّقِيفِ، وَالْفُولَةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ الْمُجَاوِرَةِ لِعَكَّا، فَمَلَكُوهَا وَنَهَبُوهَا وَأَسَرُوا رِجَالَهَا، وَسَبُوا نِسَاءَهَا وَأَطْفَالَهَا، وَقَدِمُوا مِنْ ذَلِكَ بِمَا سَدَّ الْفَضَاءَ.
وَسَيَّرَ تَقِيَّ الدِّينِ فَنَزَلَ عَلَى تِبْنِينَ لِيَقْطَعَ الْمِيرَةَ عَنْهَا وَعَنْ صُورَ، وَسَيَّرَ حُسَامَ الدِّينِ عُمَرَ بْنَ لَاجِينَ فِي عَسْكَرٍ إِلَى نَابُلُسَ فَأَتَى سَبَسْطِيَةَ وَبِهَا قَبْرُ زَكَرِيَّاءَ، فَأَخَذَهُ مِنْ أَيْدِي النَّصَارَى وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَوَصَلَ إِلَى نَابُلُسَ فَدَخَلَهَا وَحَصَرَ قَلْعَتَهَا وَاسْتَنْزَلَ مَنْ فِيهَا بِالْأَمَانِ، وَتَسَلَّمَ الْقَلْعَةَ، وَأَقَامَ أَهْلَ الْبَلَدِ بِهِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
ذِكْرُ فَتْحِ يَافَا
لَمَّا خَرَجَ الْعَادِلُ مِنْ مِصْرَ، وَفَتَحَ مَجْدَ لَيَابَةَ، كَمَا ذَكَرْنَا، سَارَ إِلَى مَدِينَةِ يَافَا، وَهِيَ عَلَى السَّاحِلِ، فَحَصَرَهَا وَمَلَكَهَا عَنْوَةً، وَنَهَبَهَا، وَأَسَرَ الرِّجَالَ، وَسَبَى الْحَرِيمَ، وَجَرَى عَلَى أَهْلِهَا مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ.
وَكَانَ عِنْدِي جَارِيَةٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَنَا بِحَلَبَ، وَمَعَهَا طِفْلٌ عُمُرُهُ نَحْوُ سَنَةٍ، فَسَقَطَ مِنْ يَدِهَا فَانْسَلَخَ وَجْهُهُ، فَكَبَّتَ عَلَيْهِ كَثِيرًا، فَسَكَّنْتُهَا وَأَعْلَمْتُهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهَا مَا يُوجِبُ الْبُكَاءَ، فَقَالَتْ: مَا لَهُ أَبْكِي، إِنَّمَا أَبْكِي لِمَا جَرَى عَلَيْنَا. كَانَ لِي سِتَّةُ إِخْوَةٍ هَلَكُوا جَمِيعُهُمْ، وَزَوْجٌ وَأُخْتَانِ لَا أَعْلَمُ مَا كَانَ مِنْهُمْ. هَذَا مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْبَاقِي بِالنِّسْبَةِ.
وَرَأَيْتُ بِحَلَبَ امْرَأَةً فِرِنْجِيَّةً قَدْ جَاءَتْ مَعَ سَيِّدِهَا إِلَى بَابٍ، فَطَرَقَهُ سَيِّدُهَا، فَخَرَجَ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَكَلَّمَهُمَا، ثُمَّ أَخْرَجَ امْرَأَةً فِرِنْجِيَّةً، فَحِينَ رَأَتْهَا الْأُخْرَى صَاحَتَا وَاعْتَنَقَتَا، وَهُمَا تَصْرُخَانِ وَتَبْكِيَانِ، وَسَقَطَتَا إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ قَعَدَتَا تَتَحَدَّثَانِ، وَإِذَا هُمَا أُخْتَانِ، وَكَانَ لَهُمَا عِدَّةٌ مِنَ الْأَهْلِ لَيْسَ لَهُمَا عِلْمٌ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ.
ذِكْرُ فَتْحِ تِبْنِينَ وَصَيْدَا وَجُبَيْلٍ وَبَيْرُوتَ
فَأَمَّا تِبْنِينُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا إِنْفَاذَ صَلَاحِ الدِّينِ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ أَخِيهِ إِلَى تِبْنِينَ، فَلَمَّا وَصَلَهَا نَازَلَهَا، وَأَقَامَ عَلَيْهَا، فَرَأَى حَصْرَهَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِوُصُولِ عَمِّهِ صَلَاحِ الدِّينِ إِلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute