للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرَةٍ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَلَمَّا كَبُرَ فَرَّقَ بِلَادَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ، فَاسْتَضْعَفُوهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ قُطْبُ الدِّينِ.

وَكَانَ قَلْج أَرَسَلَانَ قَدِ اسْتَنَابَ فِي تَدْبِيرِ مُلْكِهِ رَجُلًا يُعْرَفُ بِاخْتِيَارِ الدِّينِ حَسَنٍ، فَلَمَّا غَلَبَ قُطْبُ الدِّينِ عَلَى الْأَمْرِ قَتَلَ حَسَنًا، ثُمَّ أَخَذَ وَالِدَهُ وَسَارَ بِهِ إِلَى قَيْسَارِيَّةَ لِيَأْخُذَهَا مِنْ أَخِيهِ الَّذِي سَلَّمَهَا إِلَيْهِ أَبُوهُ فَحَصَرَهَا مُدَّةً، فَوَجَدَ وَالِدُهُ قَلْج أَرَسَلَانَ فُرْصَةً فَهَرَبَ وَدَخَلَ، قَيْسَارِيَّةَ وَحْدَهُ.

فَلَمَّا عَلِمَ قُطْبُ الدِّينِ ذَلِكَ عَادَ إِلَى قُونِيَّةَ وَأَقْصَرَا فَمَلَكَهُمَا، وَلَمْ يَزَلْ قَلْج أَرَسَلَانَ يَتَحَوَّلُ مِنْ وَلَدٍ إِلَى وَلَدٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَتَبَرَّمُ بِهِ، حَتَّى مَضَى إِلَى وَلَدِهِ غِيَاثِ الدِّينِ كَيْخَسْرُو صَاحِبِ مَدِينَةِ بَرْغَلُوا، فَلَمَّا رَآهُ فَرِحَ بِهِ وَخَدَمَهُ، وَجَمَعَ الْعَسَاكِرَ.

وَسَارَ هُوَ مَعَهُ إِلَى قُونِيَّةَ فَمَلَكَهَا، وَسَارَ إِلَى أَقْصَرَا وَمَعَهُ وَالِدُهُ قَلْج أَرَسَلَانَ، فَحَصَرَهَا، فَمَرِضَ أَبُوهُ، فَعَادَ بِهِ إِلَى قُونِيَّةَ فَتُوُفِّيَ فِيهَا، وَدُفِنَ هُنَاكَ، وَبَقِيَ وَلَدُهُ غِيَاثُ الدِّينِ فِي قُونِيَّةَ مَالِكًا لَهَا حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهُ أَخُوهُ رُكْنُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا يَحْكِيهِ، وَكَانَ قَدْ وَصَلَ تِلْكَ الْبِلَادَ بِغَيْرِ هَذَا، وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ، قَالَ: إِنَّ قَلْج أَرَسَلَانَ قَسَّمَ بِلَادَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي حَيَاتِهِ.

فَسَلَّمَ دُوقَاطَ إِلَى رُكْنِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ، وَسَلَّمَ قُونِيَّةَ إِلَى وَلَدِهِ كَيْخَسْرُو غِيَاثِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ أَنْقَرَةَ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى أَنْكَشُورِيَّةَ إِلَى وَلَدِهِ مُحْيِي الدِّينِ، وَسَلَّمَ مَلَطْيَةَ إِلَى وَلَدِهِ مُعِزِّ الدِّينِ قَيْصَرْ شَاهْ وَسَلَّمَ أَبْلُسْتَيْنَ إِلَى وَلَدِهِ مُغِيثِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ قَيْسَارِيَّةَ إِلَى وَلَدِهِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودٍ، وَسَلَّمَ سِيوَاسَ وَأَقْصَرَا إِلَى وَلَدِهِ قُطْبِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ نَكْسَارَ إِلَى وَلَدٍ آخَرَ، وَسَلَّمَ أَمَاسْيَا إِلَى وَلَدِ أَخِيهِ.

هَذِهِ أُمَّهَاتُ الْبِلَادِ، وَيَنْضَافُ إِلَى كُلِّ بَلَدٍ مِنْ هَذِهِ مَا يُجَاوِرُهَا مِنِ الْبِلَادِ الصِّغَارِ الَّتِي لَيْسَتْ مِثْلَ هَذِهِ ثُمَّ إِنَّهُ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْجَمِيعَ

لِوَلَدِهِ الْأَكْبَرِ قُطْبِ الدِّينِ، وَخَطَبَ لَهُ ابْنَةَ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ، صَاحِبِ مِصْرَ وَالشَّامِ، لِيَقْوَى بِهِ، فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>