للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِيَ مُدَيْدَةً.

وَسَارَ إِلَى قُونِيَّةَ وَبِهَا أَخُوهُ غِيَاثُ الدِّينِ، فَحَصَرَهُ بِهَا وَمَلَكَهَا، فَفَارَقَهَا غِيَاثُ الدِّينِ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ثُمَّ سَارَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى رُكْنِ الدِّينِ إِلَى نَكْسَارَ وَأَمَاسْيَا فَمَلَكَهَا، وَسَارَ إِلَى مَلَطْيَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَمَلَكَهَا، وَفَارَقَهَا أَخُوهُ مُعِزُّ الدِّينِ إِلَى الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، وَكَانَ مُعِزُّ الدِّينِ هَذَا تَزَوَّجَ ابْنَةً لِلْعَادِلِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ.

وَاجْتَمَعَ لِرُكْنِ الدِّينِ، مُلْكُ جَمِيعِ الْإِخْوَةِ مَا عَدَا أَنَقْرَةَ فَإِنَّهَا مَنِيعَةٌ لَا يُوصَلُ إِلَيْهَا فَجَعَلَ عَلَيْهَا عَسْكَرًا يَحْصُرُهَا صَيْفًا وَشِتَاءً ثَلَاثَ سِنِينَ، فَتَسَلَّمَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ، وَوَضَعَ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي كَانَ بِهَا مَنْ يَقْتُلُهُ إِذَا فَارَقَهَا، فَلَمَّا سَارَ عَنْهَا قُتِلَ.

وَتُوُفِّيَ رُكْنُ الدِّينِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَلَمْ يَسْمَعْ خَبَرَ قَتْلِ أَخِيهِ بَلْ عَاجَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقَطْعِ رَحِمِهِ.

وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذِهِ الْحَادِثَةَ هَا هُنَا لِنُتْبِعَ بَعْضَهَا بَعْضًا وَلِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ تَارِيخَ كُلِّ حَادِثَةٍ مِنْهَا لِأُثْبِتَهَا فِيهِ.

ذِكْرُ مُلْكِ شِهَابِ الدِّينِ أَجْمِيرَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْهِنْدِ

قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] غَزْوَةَ شِهَابِ الدِّينِ الْغُورِيِّ إِلَى بَلَدِ الْهِنْدِ، وَانْهِزَامَهُ وَبَقِيَ إِلَى الْآنَ وَفِي نَفْسِهِ الْحِقْدُ الْعَظِيمُ عَلَى الْجُنْدِ الْغُورِيَّةِ الَّذِينَ انْهَزَمُوا، وَمَا أَلْزَمَهُمْ مِنَ الْهَوَانِ.

فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّنَةَ خَرَجَ مِنْ غَزْنَةَ وَقَدْ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ، وَسَارَ مِنْهَا يَطْلُبُ عَدُوَّهُ الْهِنْدِيَّ الَّذِي هَزَمَهُ تِلْكَ النَّوْبَةَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَرْشَاوُورَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِنَ الْغُورِيَّةِ كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ قَرُبْنَا مِنَ الْعَدُوِّ، وَمَا يَعْلَمُ أَحَدٌ أَيْنَ نَمْضِي، وَلَا مَنْ نَقْصِدُ، وَلَا نَرُدُّ عَلَى الْأُمَرَاءِ سَلَامًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ.

فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: اعْلَمْ أَنَّنِي مُنْذُ هَزَمَنِي هَذَا الْكَافِرُ مَا نِمْتُ مَعَ زَوْجَتِي، وَلَا غَيَّرْتُ ثِيَابَ الْبَيَاضِ عَنِّي، وَأَنَا سَائِرٌ إِلَى عَدُوِّي، وَمُعْتَمِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا عَلَى الْغُورِيَّةِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنْ نَصَرَنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَنَصَرَ دِينَهُ فَمِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، وَإِنِ انْهَزَمْنَا فَلَا تَطْلُبُونِي فِيمَنِ انْهَزَمَ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>