مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا هُمْ عَلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْأَنْدَلُسِ مِنَ التَّخَاذُلِ وَالتَّوَاكُلِ، وَإِهْمَالِ الرَّعِيَّةِ، وَاشْتِمَالِهِمْ عَلَى الرَّاحَاتِ، وَأَنَا أَسُومُهُمُ الْخَسْفَ وَأُخَلِّي الدِّيَارَ، وَأَسْبِي الذَّرَارِيَّ، وَأُمَثِّلُ بِالْكُهُولِ، وَأَقْتُلُ الشَّبَابَ، وَلَا عُذْرَ لَكَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ نُصْرَتِهِمْ، وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ يَدُ الْقُدْرَةِ، وَأَنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ قِتَالَ عَشَرَةٍ مِنَّا بِوَاحِدٍ مِنْكُمْ. وَالْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ. وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا، فَقَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ قِتَالَ اثْنَيْنِ مِنَّا بِوَاحِدٍ مِنْكُمْ، وَنَحْنُ الْآنُ نُقَاتِلُ عَدَدًا مِنْكُمْ بِوَاحِدٍ مِنَّا. وَلَا تَقْدِرُونَ دِفَاعًا، وَلَا تَسْتَطِيعُونَ امْتِنَاعًا.
ثُمَّ حُكِيَ لِي عَنْكَ أَنَّكَ أَخَذْتَ فِي الِاحْتِفَالِ، وَأَشْرَفْتَ عَلَى رَبْوَةِ الْقِتَالِ، وَتُمْطِلُ نَفْسَكَ عَامًا بَعْدَ عَامٍ، تُقَدِّمُ رِجْلًا وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى، وَلَا أَدْرِي الْجُبْنُ أَبْطَأَ بِكَ أَمِ التَّكْذِيبُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ؟ .
ثُمَّ حُكِيَ لِي عَنْكَ أَنَّكَ لَا تَجِدُ سَبِيلًا لِلْحَرْبِ لَعَلَّكَ مَا يَسُوغُ لَكَ التَّقَحُّمَ فِيهَا، فَهَا أَنَا أَقُولُ لَكَ، مَا فِيهِ الرَّاحَةُ، وَأَعْتَذِرُ عَنْكَ، وَلَكَ أَنْ تُوَافِيَنِي بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالْأَيْمَانِ، وَأَنْ تَتَوَجَّهَ بِجُمْلَةِ مَنْ عِنْدَكَ فِي الْمَرَاكِبِ وَالشَّوَانِي، وَأَجُوزُ إِلَيْكَ بِجُمْلَتِي، وَأُبَارِزُكَ فِي أَعَزِّ الْأَمَاكِنِ عِنْدَكَ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ فَغَنِيمَةٌ عَظِيمَةٌ جَاءَتْ إِلَيْكَ، وَهَدِيَّةٌ مَثُلَتْ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَإِنْ كَانَتْ لِي كَانَتْ يَدِي الْعُلْيَا عَلَيْكَ. وَاسْتَحْقَقْتُ إِمَارَةَ الْمِلَّتَيْنِ، وَالتَّقَدُّمَ عَلَى الْفِئَتَيْنِ، وَاللَّهُ يُسَهِّلُ الْإِرَادَةَ، وَيُوَفِّقُ السَّعَادَةَ بِمَنِّهِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُهُ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute