للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّكَّرُ فَأَكَلْنَاهُ فَنَسْأَلُكَ أَلَّا يَسْمَعَ أَحَدٌ، وَإِنْ أَرَدْتَ ثَمَنَهُ أَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتُ: أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْبِسَاطُ مَعَ أُولَئِكَ، (قَالَ: فَمَشَيْتُ إِلَى بَابِ الْبَلَدِ مَعَ النَّظَّارَةِ، فَرَأَيْتُ الْبِسَاطَ) الَّذِي لِي قَدْ أُلْقِيَ عِنْدَ بَابِ الْبَلَدِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: هَذَا لِي فَطَلَبُوا مِنِّي مَنْ يَشْهَدُ بِهِ، فَأَحْضَرْتُ مَنْ شَهِدَ لِي وَأَخَذْتُهُ.

ثُمَّ إِنَّ الْخُوَارِزْمِيِّينَ تَحَصَّنُوا بِالْجَامِعِ، فَأَخْرَجَهُمْ أَهْلُ الْبَلَدِ، فَأَخَذَهُمُ الْغُورِيَّةُ وَنَهَبُوا مَالَهُمْ، وَأُخِذَ عَلِيٌّ شَاهْ بْنُ خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَأُحْضِرُ عِنْدَ غِيَاثِ الدِّينِ رَاجِلًا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَحْضَرَهُ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ فِيهِ، وَحَضَرَتْ دَايَةٌ كَانَتْ لَعَلِيٍّ شَاهْ، وَقَالَتْ لِغِيَاثِ الدِّينِ: أَهَكَذَا يُفْعَلُ بِأَوْلَادِ الْمُلُوكِ؟ فَقَالَ: لَا! بَلْ هَكَذَا، وَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، وَطَيَّبَ نَفْسَهُ، وَسَيَّرَ جَمَاعَةَ الْأُمَرَاءِ الْخُوَارِزْمِيَّةَ إِلَى هَرَاةَ تَحْتَ الِاسْتِظْهَارِ، وَأَحْضَرَ غِيَاثُ الدِّينِ ابْنَ عَمِّهِ، وَصِهْرَهُ عَلَى ابْنَتِهِ، ضِيَاءَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَلِيٍّ الْغُورِيَّ، وَوَلَّاهُ حَرْبَ خُرَاسَانَ وَخَرَاجَهَا، وَلَقَّبَهُ عَلَاءَ الدِّينِ، وَجَعَلَ مَعَهُ وَجُوهَ الْغُورِيَّةِ، وَرَحَلَ إِلَى هَرَاةَ، وَسَلَّمَ عَلِيًّا شَاهْ إِلَى أَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ، وَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِ نَيْسَابُورَ، وَفَرَّقَ فِيهِمْ مَالًا كَثِيرًا.

ثُمَّ رَحَلَ بَعْدَهُ شِهَابُ الدِّينِ إِلَى نَاحِيَةِ قُهِسْتَانَ، فَوَصَلَ إِلَى قَرْيَةٍ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَهْلَهَا إِسْمَاعِيلِيَّةٌ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ، وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ، وَسَبِّيِ الذَّرَارِيِّ، وَخَرَّبَ الْقَرْيَةَ فَجَعَلَهَا خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى كَنَابَادَ وَهِيَ مِنَ الْمُدُنِ الَّتِي جَمِيعُ أَهْلِهَا إِسْمَاعِيلِيَّةٌ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا وَحَصَرَهَا، فَأَرْسَلَ صَاحِبُ قُهِسْتَانَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يَشْكُو أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ، وَيَقُولُ: بَيْنَنَا عَهْدٌ، فَمَا الَّذِي بَدَا مِنَّا حَتَّى تُحَاصِرَ بَلَدِي؟

وَاشْتَدَّ خَوْفُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شِهَابِ الدِّينِ، فَطَلَبُوا الْأَمَانَ لِيَخْرُجُوا مِنْهَا، فَأَمَّنَهُمْ، وَأَخْرَجَهُمْ وَمَلَكَ الْمَدِينَةَ وَسَلَّمَهَا إِلَى بَعْضِ الْغُورِيَّةِ، فَأَقَامَ بِهَا الصَّلَاةَ، وَشِعَارَ الْإِسْلَامِ، وَرَحَلَ شِهَابُ الدِّينِ فَنَزَلَ عَلَى حِصْنٍ آخَرَ لِلْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ، فَقَالَ الرَّسُولُ: مَعِي تَقَدُّمٌ مِنَ السُّلْطَانِ، فَلَا يَجْرِي حَرَدٌ إِنْ فَعَلْتُهُ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: إِنَّهُ يَقُولُ لَكَ مَا لَكَ وَلِرَعِيَّتِي، ارْحَلْ، قَالَ: لَا أَرْحَلُ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلُ مَا أَمَرَنِي قَالَ: افْعَلْ، فَسَلَّ سَيْفَهُ وَقَطَعَ أَطْنَابَ سُرَادِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>