شِهَابِ الدِّينِ، وَقَالَ: ارْحَلْ بِتَقَدُّمِ السُّلْطَانِ، فَرَحَلَ شِهَابُ الدِّينِ وَالْعَسْكَرُ وَهُوَ كَارِهٌ، وَسَارَ إِلَى بَلَدِ الْهِنْدِ، وَلَمْ يُقِمْ بِغَزْنَةَ غَضَبًا لِمَا فَعَلَهُ أَخُوهُ مَعَهُ
ذِكْرُ قَصْدِ نُورِ الدِّينِ بِلَادَ الْعَادِلِ وَالصُّلْحِ بَيْنَهُمَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا تَجَهَّزَ نُورُ الدِّينِ أَرْسِلَانُ شَاهْ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، وَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ إِلَى بِلَادِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ بِالْجَزِيرَةِ: حَرَّانَ وَالرُّهَا ; وَكَانَ سَبَبُ حَرَكَتِهِ أَنَّ الْمَلِكَ الْعَادِلَ لَمَّا مَلَكَ مِصْرَ - عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ -، اتَّفَقَ نُورُ الدِّينِ وَالْمَلِكُ الظَّاهِرُ، صَاحِبُ حَلَبَ وَصَاحِبُ مَارْدِينَ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً، مُتَّفِقِينَ عَلَى مَنْعِ الْعَادِلِ عَنْ قَصْدِ أَحَدِهِمْ، فَلَمَّا تَجَدَّدَتْ حَرَكَةُ الْأَفْضَلِ وَالظَّاهِرِ، أَرْسَلَا إِلَى نُورِ الدِّينِ لِيَقْصِدَ الْبِلَادَ الْجَزَرِيَّةَ، فَسَارَ عَنِ الْمَوْصِلِ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَسَارَ مَعَهُ ابْنُ عَمِّهِ قُطْبُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادِ الدِّينِ زِنْكِي، صَاحِبُ سِنْجَارَ وَنَصِيبِينَ، وَصَاحِبُ مَارْدِينَ، وَوَصَلَ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ، وَكَانَ الزَّمَانُ قَيْظًا، فَكَثُرَثِ الْأَمْرَاضُ فِي عَسْكَرِهِ.
وَكَانَ بِحَرَّانَ وَلَدُ الْعَادِلِ يُلَقَّبُ بِالْمَلِكِ الْفَائِزِ وَمَعَهُ عَسْكَرٌ يَحْفَظُ الْبِلَادَ، فَلَمَّا وَصَلَ نُورُ الدِّينِ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ جَاءَتْهُ رُسُلُ الْفَائِزِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ يَطْلُبُونَ الصُّلْحَ وَيَرْغَبُونَ فِيهِ، وَكَانَ نُورُ الدِّينِ قَدْ سَمِعَ بِأَنَّ الصُّلْحَ بَدَأَ يَتِمُّ بَيْنَ الْمَلِكِ الْعَادِلِ وَالْمَلِكِ الظَّاهِرِ وَالْأَفْضَلِ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ كَثْرَةُ الْأَمْرَاضِ فِي عَسْكَرِهِ، فَأَجَابَ إِلَيْهِ، وَحَلَفَ الْمَلِكُ الْفَائِزُ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ، وَحَلَفُوا لَهُ أَنَّهُمْ يُحَلِّفُونَ الْمَلِكَ الْعَادِلَ لَهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ كَانُوا مَعَهُ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ هُوَ لِلْمَلِكِ الْعَادِلِ.
وَسَارَتِ الرُّسُلُ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ عِنْدِ وَلَدِهِ فِي طَلَبِ الْيَمِينِ مِنَ الْعَادِلِ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، وَحَلَفَ لَهُ، وَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ، وَأَمِنَتِ الْبِلَادُ، وَعَادَ نُورُ الدِّينِ إِلَى الْمَوْصِلِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute