إِلَيْهِ، وَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ، وَأَخَذَ مَعَهُ الْحُسَيْنَ بْنَ خَرْمِيلَ ; لِأَنَّهُ قِيلَ لَهُ عَنْهُ إِنَّهُ شَدِيدُ الْخَوْفِ لِانْهِزَامِهِ، وَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا سَارَ السُّلْطَانُ هَرَبْتُ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ، فَأَخَذَهُ مَعَهُ، وَجَعَلَهُ أَمِيرَ حَاجِبَ.
وَلَمَّا وَقَعَ الْخَبَرُ بِقَتْلِهِ جَمَعَ تَاجُ الدِّينِ أَلْدِزُ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ اشْتَرَاهُ شِهَابُ الدِّينِ، أَصْحَابَهُ وَقَصَدَ قَلْعَةَ غَزْنَةَ لِيَصْعَدَ إِلَيْهَا، فَمَنَعَهُ مُسْتَحْفِظُهَا، فَعَادَ إِلَى دَارِهِ، فَأَقَامَ بِهَا، وَأَفْسَدَ الْخُلْجُ وَسَائِرُ الْمُفْسِدِينَ فِي الْبِلَادِ، وَقَطَعُوا الطُّرُقَ، وَقَتَلُوا كَثِيرًا، فَلَمَّا عَادَ شِهَابُ الدِّينِ إِلَى غَزْنَةَ بَلَغَهُ مَا فَعَلَهُ أَلْدِزُ، فَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ سَائِرُ الْمَمَالِيكِ، فَأَطْلَقُهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ، وَسَارَ شِهَابُ الدِّينِ فِي الْبِلَادِ، فَقَتَلَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ مِنْ تِلْكَ الْأُمَمِ نَفَرًا كَثِيرًا.
وَكَانَ لَهُ أَيْضًا مَمْلُوكٌ آخَرُ اسْمُهُ أَيْبَكُ بَالْ تَرْ، فَسَلِمَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ وَلَحِقَ بِالْهِنْدِ، وَدَخَلَ الْمُولِتَانَ، وَقَتَلَ نَائِبَ السُّلْطَانِ بِهَا وَمَلَكَ الْبَلَدَ، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ السُّلْطَانِيَّةَ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي الرَّعِيَّةِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، وَقَالَ: قُتِلَ السُّلْطَانُ، وَأَنَا السُّلْطَانُ، وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُحَسِّنُهُ لَهُ إِنْسَانٌ اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ يَزَانَ، وَكَانَ زِنْدِيقًا، فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ، وَجَمَعَ الْمُفْسِدِينَ، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ، فَأَخَافَ الطَّرِيقَ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ إِلَى شِهَابِ الدِّينِ فَسَارَ إِلَى الْهِنْدِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَسْكَرًا، فَأَخَذُوهُ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ [يَزَانَ] فَقَتَلَهُمَا أَقْبَحَ قِتْلَةٍ، وَقَتَلَ مَنْ وَافَقَهُمَا، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ، وَلَمَّا رَآهُمْ قَتْلَى قَرَأَ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: ٣٣] الْآيَةَ، وَأَمَرَ شِهَابُ الدِّينِ فَنُودِيَ فِي جَمِيعِ بِلَادِهِ بِالتَّجَهُّزِ لِقِتَالِ الْخَطَا وَغَزْوِهِمْ وَالْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ انْهِزَامِهِ أَنَّهُ لَمَّا عَادَ إِلَى الْخَطَا مِنْ خُوَارِزْمَ فَرَّقَ عَسْكَرَهُ فِي الْمَفَازَةِ الَّتِي فِي طَرِيقِهِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ، وَكَانَ الْخَطَا قَدْ نَزَلُوا عَلَى طَرِيقِ الْمَفَازَةِ، فَكُلَّمَا خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِهِ طَائِفَةٌ فَتَكُوا فِيهِمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَمَنْ سَلِمَ مِنْ عَسْكَرِهِ انْهَزَمَ نَحْوَ الْبِلَادِ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ أَحَدٌ يُعْلِمُ الْحَالَ، وَجَاءَ شِهَابُ الدِّينِ فِي سَاقَةِ الْعَسْكَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ وَلَمْ يَعْلَمِ الْحَالَ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَرِّيَّةِ لَقِيَهُ الْخَطَا مُسْتَرِيحِينَ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute