السَّنَةُ، وَذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ، فَاصْطَلَحَ هُوَ وَالْفِرِنْجُ عَلَى دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا، وَمَا بِيَدِ الْعَادِلِ مِنَ الشَّامِ، وَنَزَلَ لَهُمْ عَنْ جَمِيعِ الْمُنَاصَفَاتِ فِي الصَّيْدَا وَالرَّمْلَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَعْطَاهُمْ نَاصِرَةَ وَغَيْرَهَا، وَسَارَ نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. فَقَصَدَ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ حَمَاةَ، فَلَقِيَهُمْ صَاحِبُهَا نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ، فَقَاتَلَهُمْ، وَكَانَ فِي قِلَّةٍ، فَهَزَمُوهُ وَتَبِعُوهُ إِلَى الْبَلَدِ، فَخَرَجَ الْعَامَّةُ إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَتَلَ الْفِرِنْجَةُ مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَعَادَ الْفِرِنْجُ.
ذِكْرُ قَتْلِ كُوكْجَةَ بِبِلَادِ الْجَبَلِ
قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ تَغَلُّبَ كُوكْجَةَ مَمْلُوكِ الْبَهْلَوَانِ عَلَى الرَّيِّ وَهَمَذَانَ، وَبَلَدِ الْجَبَلِ، وَبَقِيَ إِلَى الْآنِ، وَكَانَ قَدِ اصْطَنَعَ مَمْلُوكًا آخَرَ كَانَ لِلْبَهْلَوَانِ، اسْمُهُ إِيدْغِمْشُ، وَقَدَّمَهُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَوَثِقَ بِهِ، فَجَمَعَ إِيدْغِمْشُ الْجُمُوعَ مِنَ الْمَمَالِيكِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَصَدَ كُوكْجَةَ، فَتَصَافَّا، وَاقْتَتَلَ الْفَرِيقَانِ، فَقُتِلَ كُوكْجَةُ فِي الْحَرْبِ، وَاسْتَوْلَى إِيدْغِمْشُ عَلَى الْبِلَادِ، وَأَخَذَ مَعَهُ أُوزْبَكُ بْنُ الْبَهْلَوَانِ، اسْمَ الْمَلِكِ، وَإِيدْغِمْشُ هُوَ الْمُدَبِّرُ لَهُ وَالْقَيِّمُ بِأَمْرِ الْمَمْلَكَةِ، وَكَانَ شَهْمًا، شُجَاعًا، ظَالِمًا، وَكَانَ كُوكْجَةُ عَادِلًا حَسَنَ السِّيرَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ.
ذِكْرُ وَفَاةِ رُكْنِ الدِّينِ بْنِ قِلْج أَرْسِلَانَ وَمُلْكِ ابْنِهِ بَعْدَهُ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، سَادِسَ ذِي الْقَعْدَةِ، تُوُفِّيَ رُكْنُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ قِلْج أَرْسِلَانَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قِلْج أَرْسِلَانْ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتُلْمِشَ بْنِ سَلْجُوقَ، صَاحِبُ دِيَارِ الرُّومِ مَا بَيْنَ مَلَطْيَةَ وَقُونِيَةَ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِمَرَضِ الْقُولَنْجِ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَ قَبْلَ مَرَضِهِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَدْ غَدَرَ بِأَخِيهِ صَاحِبِ أَنْكُورِيَةَ، وَتُسَمَّى أَيْضًا أَنْقِرَةَ - وَهِيَ مَدِينَةٌ مَنِيعَةٌ -، وَكَانَ مُشَاقًّا لِرُكْنِ الدِّينِ، فَحَصَرَهُ عِدَّةَ سِنِينَ حَتَّى ضَعُفَ وَقَلَّتِ الْأَقْوَاتُ عِنْدَهُ، فَأَذْعَنَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى عِوَضٍ يَأْخُذُهُ، فَعَوَّضَهُ قَلْعَةً فِي أَطْرَافِ بَلَدِهِ وَحَلَفَ لَهُ عَلَيْهَا، فَنَزَلَ أَخُوهُ عَنْ مَدِينَةِ أَنْقِرَةَ. وَسَلَّمَهَا وَمَعَهُ وَلَدَانِ لَهُ. فَوَضَعَ رُكْنُ الدِّينِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute