للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَارَ الْوَزِيرُ وَمَعَهُ مَنْ لَهُ إِقْطَاعٌ وَأَهْلٌ بِغَزْنَةَ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ غِيَاثِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ غِيَاثِ الدِّينِ أَخِي شِهَابِ الدِّينِ الْأَكْبَرِ، وَبَيْنَ بَهَاءِ الدِّينِ صَاحِبِ بَامِيَانَ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ شِهَابِ الدِّينِ، حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ مَيْلُ الْوَزِيرِ وَالْأَتْرَاكِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ مَحْمُودٍ، وَكَانَ الْأُمَرَاءُ الْغُورِيَّةُ يَمِيلُونَ إِلَى بَهَاءِ الدِّينِ سَامَ، صَاحِبِ بَامِيَانَ، فَأَرْسَلَ كُلُّ طَائِفَةٍ إِلَى مَنْ يَمِيلُونَ إِلَيْهِ يُعَرِّفُونَهُ قَتْلَ شِهَابِ الدِّينِ وَجَلِيَّةَ الْأُمُورِ.

وَجَاءَ بَعْضُ الْمُفْسِدِينَ مِنْ أَهْلِ غَزْنَةَ، فَقَالَ لِلْمَمَالِيكِ: إِنَّ فَخْرَ الدِّينِ الرَّازِيَّ قَتَلَ مَوْلَاكُمْ لِأَنَّهُ هُوَ أَوْصَلَ مَنْ قَتَلَهُ، بِوَضْعٍ مِنْ خُوَارِزْمَ شَاهْ، فَثَارُوا بِهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَهَرَبَ، وَقَصَدَ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ الْوَزِيرَ، فَأَعْلَمَهُ الْحَالَ فَسَيَّرَهُ سِرًّا إِلَى مَأْمَنِهِ.

وَلَمَّا وَصَلَ الْعَسْكَرُ وَالْوَزِيرُ إِلَى فَرْشَابُورَ اخْتَلَفُوا، فَالْغُورِيَّةُ يَقُولُونَ نَسِيرُ إِلَى غَزْنَةَ عَلَى طَرِيقِ مَكْرَهَانَ، وَكَانَ غَرَضُهُمْ أَنْ يَقْرُبُوا مِنْ بَامِيَانَ لِيَخْرُجَ صَاحِبُهَا بَهَاءُ الدِّينِ سَامُ فَيَمْلِكُ الْخِزَانَةَ، وَقَالَ الْأَتْرَاكُ بَلْ نَسِيرُ عَلَى طَرِيقِ سُورَانَ، وَكَانَ مَقْصُودُهُمْ أَنْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْ تَاجِ الدِّينِ أَلْدِزَ مَمْلُوكِ شِهَابِ الدِّينِ، وَهُوَ صَاحِبُ كَرْمَانَ - مَدِينَةٍ بَيْنَ غَزْنَةَ وَلَهَاوُورَ، وَلَيْسَتْ بِكَرْمَانَ الَّتِي تُجَاوِرُ بِلَادَ فَارِسَ - لِيَحْفَظَ أَلْدِزُ الْخِزَانَةَ، وَيُرْسِلُوا مِنْ كَرْمَانَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يَسْتَدْعُونَهُ إِلَى غَزْنَةَ وَيُمَلِّكُونَهُ.

وَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الِاخْتِلَافُ، حَتَّى كَادُوا يَقْتَتِلُونَ، فَتَوَصَّلَ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ مَعَ الْغُورِيَّةِ حَتَّى أَذِنُوا لَهُ وَلِلْأَتْرَاكِ بِأَخْذِ الْخِزَانَةِ وَالْمِحَفَّةِ الَّتِي فِيهَا شِهَابُ الدِّينِ وَالْمَسِيرِ عَلَى كَرْمَانَ، وَسَارُوا هُمْ عَلَى طَرِيقِ مَكْرَهَانَ، وَلَقِيَ الْوَزِيرُ وَمَنْ مَعَهُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً، وَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْأُمَمُ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الْجِبَالِ التِّيرَاهِيَّةُ وَأَوْغَانُ وَغَيْرُهُمْ، فَنَالُوا مِنْ أَطْرَافِ الْعَسْكَرِ إِلَى أَنْ وَصَلُوا إِلَى كَرْمَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ تَاجُ الدِّينِ أَلْدِزُ يَسْتَقْبِلُهُمْ، فَلَمَّا عَايَنَ الْمِحَفَّةَ، وَفِيهَا شِهَابُ الدِّينِ مَيِّتًا، نَزَلَ وَقَبَّلَ الْأَرْضَ عَلَى عَادَتِهِ فِي حَيَاةِ شِهَابِ الدِّينِ، وَكَشَفَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَآهُ مَيِّتًا مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَصَاحَ وَبَكَى فَأَبْكَى النَّاسَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.

ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ أَلْدِزُ

كَانَ أَلْدِزُ مِنْ أَوَّلِ مَمَالِيكِ شِهَابِ الدِّينِ وَأَكْبَرِهِمْ وَأَقْدَمِهِمْ، وَأَكْبَرِهِمْ مَحَلًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>