للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَادَ الرَّسُولُ وَأَبْلَغَ عَلَاءَ الدِّينِ رِسَالَةَ أَلْدِزَ، فَأَرْسَلَ وَزِيرَهُ، وَكَانَ قَبْلَهُ وَزِيرَ أَبِيهِ، إِلَى بَامِيَانَ وَبَلْخَ وَتِرْمِذَ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِهِمْ، لِيَجْمَعَ الْعَسَاكِرَ وَيَعُودَ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ أَلْدِزُ إِلَى الْأَتْرَاكِ الَّذِينَ بِغَزْنَةَ يُعَرِّفُهُمْ أَنَّ غِيَاثِ الدِّينِ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ غَزْنَةَ وَيُخْرِجَ عَلَاءَ الدِّينِ وَأَخَاهُ مِنْهَا، فَحَضَرُوا عِنْدَ ابْنِ وَزِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ، وَطَلَبُوا مِنْهُ سِلَاحًا، فَفَتَحَ خِزَانَةَ السِّلَاحِ، وَهَرَبَ ابْنُ الْوَزِيرِ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ وَقَالَ لَهُ: قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَمْ يَقْدِرْ [أَنْ] يَفْعَلَ شَيْئًا.

وَسَمِعَ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ - وَزِيرُ شِهَابِ الدِّينِ - فَرَكِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى الْخَازِنِ تَسْلِيمَ الْمَفَاتِيحِ، وَأَمَرَهُ فَاسْتَرَدَّ مَا نَهَبَهُ التُّرْكُ جَمِيعَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مُطَاعًا فِيهِمْ.

وَوَصَلَ أَلْدِزُ إِلَى غَزْنَةَ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ عَلَاءُ الدِّينِ جَمَاعَةً مِنَ الْغُورِيَّةِ وَمِنَ الْأَتْرَاكِ، وَفِيهِمْ صُونَجُ صِهْرُ أَلْدِزَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَيَنْتَظِرَ الْعَسْكَرَ مَعَ وَزِيرِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَسَيَّرَ الْعَسَاكِرَ، فَالْتَقَوْا خَامِسَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا لَقَوْهُ خَدَمَهُ الْأَتْرَاكُ وَعَادُوا مَعَهُ عَلَى عَسْكَرِ عَلَاءِ الدِّينِ فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ وَأَسَرُوا مُقَدَّمَهُمْ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حِرْدَونَ، وَدَخَلَ عَسْكَرُ أَلْدِزَ الْمَدِينَةَ فَنَهَبُوا بُيُوتَ الْغُورِيَّةِ وَالْبَامَانِيَّةِ، وَحَصَرَ أَلْدِزُ الْقَلْعَةَ، فَخَرَجَ جَلَالُ الدِّينِ مِنْهَا فِي عِشْرِينَ فَارِسًا، وَسَارَ عَنْ غَزْنَةَ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ تَسْتَهْزِئُ بِهِ: إِلَى أَيْنَ تَمْضِي؟ خُذِ الْجِتْرَ وَالشَّمْسَةَ مَعَكَ! مَا أَقْبَحَ خُرُوجَ السَّلَاطِينِ هَكَذَا! فَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ سَتَرَيْنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَفْعَلُ بِكُمْ مِمَّا تُقِرُّونَ بِهِ بِالسَّلْطَنَةِ لِي.

وَكَانَ قَدْ قَالَ لِأَخِيهِ: احْفَظِ الْقَلْعَةَ إِلَى أَنْ آتِيَكَ بِالْعَسَاكِرِ، فَبَقِيَ أَلْدِزُ يُحَاصِرُهَا وَأَرَادَ مَنْ مَعَ أَلْدِزُ نَهْبَ الْبَلَدِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْقَلْعَةِ، وَيَتَهَدَّدُهُ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَ إِلَى مُفَارَقَتِهَا وَالْعَوْدِ إِلَى بَلَدِهِ، وَأَرْسَلَ مَنْ حَلَّفَ لَهُ أَلْدِزَ أَنْ لَا يُؤْذِيَهُ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَلَا لِأَحَدٍ مِمَّنْ يَحْلِفُ لَهُ.

وَسَارَ عَنْ غَزْنَةَ، فَلَمَّا رَآهُ أَلْدِزُ وَقَدْ نَزَلَ مِنَ الْقَلْعَةِ عَدَلَ إِلَى تُرْبَةِ شِهَابِ الدِّينِ مَوْلَاهُ، وَنَزَلَ إِلَيْهَا، وَنَهَبَ الْأَتْرَاكُ مَا كَانَ مَعَ عَلَاءِ الدِّينِ، وَأَلْقَوْهُ عَنْ فَرَسِهِ، وَأَخَذُوا ثِيَابَهُ، وَتَرَكُوهُ عُرْيَانًا بِسَرَاوِيلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>