للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى قَوْلِهِ، يُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَيَقُولُ لَهُ لِيَكْتُبَ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ وَأَخِيهِ يَتَشَفَّعُ فِي النَّاسِ. فَفَعَلَ، وَبَالَغَ فِي الشَّفَاعَةِ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ إِنْ أَصَرُّوا عَلَى النَّهْبِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ بَعْدَ مُرَاجَعَاتٍ كَثِيرَةٍ.

وَكَانُوا قَدْ وَعَدُوا مَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْعَسَاكِرِ بِنَهْبِ غَزْنَةَ، فَعَوَّضُوهُمْ مِنَ الْخِزَانَةِ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَعَادَ الْعَسْكَرُ إِلَى غَزْنَةَ أَوَاخِرَ ذِي الْقَعْدَةِ وَمَعَهُمُ الْخِزَانَةُ الَّتِي أَخَذَهَا أَلْدِزُ مِنْ مُؤَيَّدِ الْمُلْكِ لَمَّا عَادَ وَمَعَهُ شِهَابُ الدِّينِ قَتِيلًا، فَكَانَتْ مَعَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهَا مِنَ الثِّيَابِ وَالْعَيْنِ تِسْعَمِائَةِ حِمْلٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الثِّيَابِ الْمُمَزَّجِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ، اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ ثَوْبٍ.

وَعَزَمَ عَلَاءُ الدِّينِ [أَنْ] يَسْتَوْزِرَ مُؤَيَّدَ الْمُلْكِ، فَسَمِعَ أَخُوهُ جَلَالُ الدِّينِ، فَأَحْضَرَهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْهُ لِلْخِلْعَةِ، وَاسْتَوْزَرَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ عَلَاءُ الدِّينِ بِذَلِكَ قَبَضَ عَلَى مُؤَيَّدِ الْمُلْكِ، وَقَيَّدَهُ، وَحَبَسَهُ، فَتَغَيَّرَتْ نِيَّاتُ النَّاسِ، وَاخْتَلَفُوا، ثُمَّ إِنَّ عَلَاءَ الدِّينِ وَجَلَالَ الدِّينِ اقْتَسَمَا الْخِزَانَةَ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَاحَنَةِ فِي الْقِسْمَةِ مَا لَا يَجْرِي بَيْنَ التُّجَّارِ، فَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمَا حَالٌ لِبُخْلِهِمَا، وَاخْتِلَافِهِمَا، وَنَدِمَ الْأُمَرَاءُ عَلَى مَيْلِهِمْ إِلَيْهِمَا وَتَرْكِهِمْ غِيَاثَ الدِّينِ مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ.

ثُمَّ إِنَّ جَلَالَ الدِّينِ، وَعَمَّهُ عَبَّاسًا سَارَا فِي بَعْضِ الْعَسْكَرِ إِلَى بَامِيَانَ، وَبَقِيَ عَلَاءُ الدِّينِ بِغَزْنَةَ، فَأَسَاءَ وَزِيرُهُ عِمَادُ الْمُلْكِ السِّيرَةَ مَعَ الْأَجْنَادِ وَالرَّعِيَّةِ، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُ الْأَتْرَاكِ، حَتَّى أَنَّهُمْ بَاعُوا أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَهُنَّ يَبْكِينَ وَيَصْرُخْنَ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِنَّ.

ذِكْرُ عَوْدِ أَلْدِزَ إِلَى غَزْنَةَ

لَمَّا سَارَ جَلَالُ الدِّينِ عَنْ غَزْنَةَ، وَأَقَامَ بِهَا أَخُوهُ عَلَاءُ الدِّينِ، جَمَعَ أَلْدِزُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَسْكَرًا كَثِيرًا وَعَادُوا إِلَى غَزْنَةَ، فَوَصَلُوا إِلَى كِلْوَاذَا فَمَلَكُوهَا وَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنَ الْغُورِيَّةِ، وَوَصَلَ الْمُنْهَزِمُونَ مِنْهَا إِلَى كَرْمَانَ، فَسَارَ أَلْدِزُ إِلَيْهِمْ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدَّمِهِ مَمْلُوكًا كَبِيرًا مِنْ مَمَالِيكِ شِهَابِ الدِّينِ، اسْمُهُ أَيْ دِكْزِ الْتَتَرِ، فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ مِنَ الْخُلْجِ وَالْأَتْرَاكِ وَالْغُزِّ وَالْغُورِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>