أَسَاسُ الْفِتْنَةِ، وَأَقْطَعْتَهُمُ الْإِقْطَاعَاتِ، وَوَعَدْتَنِي بِأُمُورٍ لَمْ تَقِفْ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَنْتَ أَعْتَقْتَنِي خَطَبْتُ لَكَ وَحَضَرْتُ خِدْمَتَكَ.
فَلَمَّا وَصَلَ الرَّسُولُ أَجَابَهُ غِيَاثُ الدِّينِ إِلَى عِتْقِ أَلْدِزَ، بَعْدَ الِامْتِنَاعِ الشَّدِيدِ، وَالْعَزْمِ عَلَى مُصَالَحَةِ خُوَارِزْمَ شَاهْ عَلَى مَا يُرِيدُ، وَقَصْدِ غَزْنَةَ وَمُحَارَبَتِهِ بِهَا، فَلَمَّا أَجَابَهُ إِلَى الْعِتْقِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِعِتْقِ قُطْبِ الدِّينِ أَيْبَكَ، مَمْلُوكِ شِهَابِ الدِّينِ وَنَائِبِهِ بِبِلَادِ الْهِنْدِ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ قُبَاءٍ، وَأَلْفَ قَلَنْسُوَةٍ، وَمَنَاطِقَ الذَّهَبِ، وَسُيُوفًا كَثِيرَةً وَجَتْرَيْنِ، وَمِائَةَ رَأْسٍ مِنَ الْخَيْلِ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَسُولًا، فَقَبِلَ أَلْدِزُ الْخِلَعَ، وَرَدَ الْجَتْرَ، وَقَالَ: نَحْنُ عَبِيدٌ وَمَمَالِيكٌ، وَالْجَتْرُ لَهُ أَصْحَابٌ.
وَسَارَ رَسُولُ أَيْبَكَ إِلَيْهِ، وَكَانَ بِفَرْشَابُورَ قَدْ ضَبَطَ الْمَمْلَكَةَ وَحَفِظَ الْبِلَادَ، وَمَنَعَ الْمُفْسِدِينَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْأَذَى، وَالنَّاسُ مَعَهُ فِي أَمْنٍ، فَلَمَّا قَرُبَ الرَّسُولُ مِنْهُ لَقِيَهُ عَلَى بُعْدٍ، وَتَرَجَّلَ وَقَبَّلَ حَافِرَ الْفَرَسِ، وَلَبِسَ الْخِلْعَةَ، وَقَالَ: أَمَّا الْجَتْرُ فَلَا يَصْلُحُ لِلْمَمَالِيكِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَمَقْبُولٌ، وَسَوْفَ أُجَازِيهِ بِعُبُودِيَّةٍ الْأَبَدَ.
وَأَمَّا خُوَارِزْمُ شَاهْ فَإِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَتَصَاهَرَا، وَيَطْلُبُ مِنْهُ ابْنَ خَرْمِيلَ صَاحِبَ هَرَاةَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَيَسِيرُ مَعَهُ فِي الْعَسَاكِرِ إِلَى غَزْنَةَ. فَإِذَا مَلَكَهَا مِنْ أَلْدِزَ اقْتَسَمُوا الْمَالَ أَثْلَاثًا: ثُلُثٌ لِخُوَارِزْمَ شَاهْ، وَثُلُثٌ لِغِيَاثِ الدِّينِ، وَثُلُثٌ لِلْعَسْكَرِ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الصُّلْحُ، فَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ بِمَوْتِ صَاحِبِ مَازَنْدَرَانَ، فَسَارَ عَنْ هَرَاةَ إِلَى مَرْوَ، وَسَمِعَ أَلْدِزُ بِالصُّلْحِ، فَجَزِعَ لِذَلِكَ جَزَعًا عَظِيمًا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ: حَمَلَنِي عَلَيْهِ عِصْيَانُكَ وَخِلَافُكَ عَلَيَّ. فَسَارَ أَلْدِزُ إِلَى تِكْيَابَاذَ فَأَخَذَهَا، وَإِلَى بُسْتَ، وَتِلْكَ الْأَعْمَالِ فَمَلَكَهَا، وَقَطَعَ خُطْبَةَ غِيَاثِ الدِّينِ مِنْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ سِجِسْتَانَ يَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ التَّرَحُّمِ عَلَى شِهَابِ الدِّينِ، وَقَطْعِ خُطْبَةِ خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ خَرْمِيلَ، صَاحِبِ هَرَاةَ، بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَتَهَدَّدَهُمَا بِقَصْدِ بِلَادِهِمَا، فَخَافَهُمَا النَّاسُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute