للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّ أَلْدِزَ أَخْرَجَ جَلَالَ الدِّينِ، صَاحِبَ بَامِيَانَ، مِنْ أَسْرِهِ، وَسَيَّرَ مَعَهُ خَمْسَةَ آلَافِ فَارِسٍ مَعَ أَيْ دِكْزَ الْتَتَرِ، مَمْلُوكِ شِهَابِ الدِّينِ، إِلَى بَامِيَانَ لِيُعِيدُوهُ إِلَى مُلْكِهِ وَيُزِيلُوا ابْنَ عَمِّهِ عَنْهُ، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، وَسَارَ وَمَعَهُ أَيْ دِكْزُ، فَلَمَّا خَلَا بِهِ وَبَّخَهُ عَلَى لِبْسِهِ خِلْعَةَ أَلْدِزَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتُمْ مَا رَضِيتُمْ [أَنْ] تَلْبَسُوا خِلْعَةَ غِيَاثِ الدِّينِ، وَهُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْكُمْ، وَأَشْرَفُ بَيْتًا، تَلْبَسُ خِلْعَةَ هَذَا الْمَأْبُونِ! - يَعْنِي أَلْدِزَ -، وَدَعَاهُ إِلَى الْعَوْدِ مَعَهُ إِلَى غَزْنَةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْأَتْرَاكَ كُلَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِ أَلْدِزَ.

فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ أَيْ دِكْزُ: فَإِنَّنِي لَا أَسِيرُ مَعَكَ، وَعَادَ إِلَى كَابُلَ، وَهِيَ إِقْطَاعُهُ، فَلَمَّا وَصَلَ أَيْ دِكْزُ إِلَى كَابُلَ لَقِيَهُ رَسُولٌ مِنْ قُطْبِ الدِّينِ أَيْبَكَ إِلَى أَلْدِزَ يُقَبِّحُ لَهُ فِعْلَهُ، وَيَأْمُرُهُ بِإِقَامَةِ خُطْبَةِ غِيَاثِ الدِّينِ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ خَطَبَ لَهُ فِي بِلَادِهِ، وَيَقُولُ لَهُ إِنْ لَمْ يَخْطُبْ لَهُ هُوَ أَيْضًا بِغَزْنَةَ وَيَعُودُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَإِلَّا قَصَدَهُ وَحَارَبَهُ.

فَلَمَّا عَلِمَ أَيْ دِكْزُ ذَلِكَ قَوِيَتْ نَفْسُهُ عَلَى مُخَالَفَةِ أَلْدِزَ، وَصَمَّمَ الْعَزْمَ عَلَى قَصْدِ غَزْنَةَ. وَوَصَلَ أَيْضًا رَسُولُ أَيْبَكَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِإِجَابَةِ خُوَارِزْمَ شَاهْ إِلَى مَا طَلَبَ الْآنَ، وَعِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَمْرِ غَزْنَةَ تَسْهُلُ أُمُورُ خُوَارِزْمَ شَاهْ وَغَيْرِهِ، وَأَنْفَذَ لَهُ ذَهَبًا عَلَيْهِ اسْمُهُ، فَكَتَبَ أَيْ دِكْزُ إِلَى أَيْبَكَ يُعَرِّفُهُ عِصْيَانَ أَلْدِزَ عَلَى غِيَاثِ الدِّينِ وَمَا فَعَلَهُ فِي الْبِلَادِ، وَأَنَّهُ عَلَى عَزْمِ مُشَاقَّةِ أَلْدِزَ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَمْرَهُ، فَأَعَادَ أَيْبَكُ جَوَابَهُ يَأْمُرُهُ بِقَصْدِ غَزْنَةَ، فَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ الْقَلْعَةُ أَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْقَلْعَةُ وَقَصَدَهُ أَلْدِزُ انْحَازَ إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ، أَوْ يَعُودُ إِلَى كَابُلَ.

فَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ، وَكَانَ جَلَالُ الدِّينِ قَدْ كَتَبَ إِلَى أَلْدِزَ يُخْبِرُهُ خَبَرَ أَيْ دِكْزَ وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ أَلْدِزُ إِلَى نُوَّابِهِ بِقَلْعَةِ غَزْنَةَ يَأْمُرُهُمْ بِالِاحْتِيَاطِ مِنْهُ، فَوَصَلَهَا أَيْ دِكْزُ أَوَّلَ رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ، وَقَدْ حَذِرُوهُ فَلَمْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ الْقَلْعَةَ، وَمَنَعُوهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِنَهْبِ الْبَلَدِ، فَنَهَبُوا عِدَّةَ مَوَاضِعَ مِنْهُ، فَتَوَسَّطَ الْقَاضِيَ الْحَالُّ بِأَنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ مِنَ الْخِزَانَةِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ رُكْنِيَّةٍ، وَأَخَذَ لَهُ مِنَ التُّجَّارِ شَيْئًا آخَرَ، وَخَطَبَ أَيْ دِكْزُ بِغَزْنَةَ لِغِيَاثِ الدِّينِ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ أَلْدِزَ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ.

وَكَانَ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ يَنُوبُ عَنْ أَلْدِزَ بِالْقَلْعَةِ، وَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى أَلْدِزَ بِوُصُولِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>