وَيَأْخُذَ لَهُ الْبِلَادَ لِيَكُونَ فِي طَاعَتِهِ) ، فَكَتَبَ عَلِيٌّ شَاهْ إِلَى أَخِيهِ خُوَارِزْمَ شَاهْ فِي ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ مَعَهُ إِلَى مَازَنْدَرَانَ، وَأَخْذِ الْبِلَادِ لَهُ، وَإِقَامَةِ الْخُطْبَةِ لِخُوَارِزْمَ شَاهْ فِيهَا.
فَسَارُوا عَنْ جُرْجَانَ، فَاتُّفِقَ أَنَّ حُسَامَ الدِّينِ، صَاحِبَ مَازَنْدَرَانَ، مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمَلَكَ الْبِلَادَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْأَصْغَرُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْقِلَاعِ وَالْأَمْوَالِ، فَدَخَلَ عَلِيٌّ شَاهِ الْبِلَادَ، وَمَعَهُ صَاحِبُ، مَازَنْدَرَانَ، فَنَهَبُوهَا وَخَرَّبُوهَا، وَامْتَنَعَ مِنْهُمُ الْأَخُ الصَّغِيرُ بِالْقِلَاعِ، وَأَقَامَ بِقَلْعَةِ كُورَا، وَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْأَمْوَالُ وَالذَّخَائِرُ، وَحَصَرُوهُ فِيهَا بَعْدَ أَنْ مَلَّكُوا أُسَامَةَ الْبِلَادَ مِثْلَ: سَارِيَةَ وَآمُلَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ وَالْحُصُونِ، وَخُطِبَ لِخُوَارِزْمَ شَاهْ فِيهَا جَمِيعِهَا، فَصَارَتْ فِي طَاعَتِهِ، وَعَادَ عَلِيٌّ شَاهْ إِلَى جُرْجَانَ، وَأَقَامَ ابْنُ مَلْكِ مَازَنْدَرَانَ فِي الْبِلَادِ مَالِكًا لَهَا جَمِيعِهَا، سِوَى الْقَلْعَةِ الَّتِي فِيهَا أَخُوهُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ يُرَاسِلُهُ، وَيَسْتَمِيلُهُ، وَيَسْتَعْطِفُهُ، وَأَخُوهُ لَا يَرُدُّ جَوَابًا، وَلَا يَنْزِلُ عَنْ حِصْنِهِ.
ذِكْرُ مُلْكِ غِيَاثِ الدِّينِ كَيْخَسْرُو مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثَالِثَ شَعْبَانَ، مَلَكَ غِيَاثُ الدِّينِ كَيْخَسْرُو، صَاحِبُ قُونِيَةَ وَبَلَدِ الرُّومِ، مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ بِالْأَمَانِ، وَهِيَ لِلرُّومِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ حَصَرَهَا قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ، وَأَطَالَ الْمُقَامَ عَلَيْهَا، وَهَدَمَ عِدَّةَ أَبْرَاجٍ مِنْ سُورِهَا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا فَتْحُهَا عَنْوَةً، فَأَرْسَلَ مَنْ [بِهَا مِنَ] الرُّومِ إِلَى الْفِرِنْجِ الَّذِينَ بِجَزِيرَةِ قُبْرُسَ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهَا، فَاسْتَنْجَدُوهُمْ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسَ غِيَاثُ الدِّينِ مِنْهَا، وَرَحَلَ عَنْهَا، وَتَرَكَ طَائِفَةً مِنْ عَسْكَرِهِ بِالْقُرْبِ مِنْهَا، بِالْجِبَالِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِلَادِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِقَطْعِ الْمِيرَةِ مِنْهَا.
فَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً حَتَّى ضَاقَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا مِنَ الْفِرِنْجِ الْخُرُوجَ لِدَفْعِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُضَايَقَتِهِمْ، فَظَنَّ الْفِرِنْجُ أَنَّ الرُّومَ يُرِيدُونَ إِخْرَاجَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ بِهَذَا السَّبَبِ، فَوَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَهُمْ، فَاقْتَتَلُوا، فَأَرْسَلَ الرُّومُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَطَلَبُوهُمْ لِيُسَلِّمُوا إِلَيْهِمُ الْبَلَدَ، فَوَصَلُوا إِلَيْهِمْ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى قِتَالِ الْفِرِنْجِ، فَانْهَزَمَ الْفِرِنْجُ وَدَخَلُوا الْحِصْنَ فَاعْتَصَمُوا بِهِ، فَأَرْسَلَ الْمُسْلِمُونَ يَطْلُبُونَ غِيَاثَ الدِّينِ، وَهُوَ بِمَدِينَةِ قُونِيَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُجِدًّا فِي طَائِفَةٍ مِنْ عَسْكَرِهِ، فَوَصَلَهَا ثَانِيَ شَعْبَانَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute