للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ، فَجَمَعَ أَهْلَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَنَزَلَ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَلَقِيَهُمْ، فَهَزَمَهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ فَارِسَ ابْنِ دَكْلَا وَشَمْسِ الدِّينِ إِيدْغِمْشَ، صَاحِبِ أَصْبَهَانَ وَهَمَذَانَ وَالرَّيِّ، يُعَرِّفُهُمَا الْحَالَ، وَيَقُولُ: إِنَّنِي لَا قُوَّةَ لِي بِعَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، وَرُبَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِمْ عَسَاكِرُ أُخْرَى مِنْ بَغْدَادَ وَعَادُوا إِلَى حَرْبِي، وَحِينَئِذٍ لَا أَقْدِرُ بِهِمْ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا النَّجْدَةَ، وَخَوَّفَهُمَا مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ إِنْ مَلَكَ تِلْكَ الْجِبَالَ، فَأَجَابَاهُ إِلَى مَا طَلَبَ، فَقَوِيَ جَنَانُهُ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ صَبِيٌّ صَبِيًّا آخَرَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَا يَتَعَاشَرَانِ، وَعُمْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَارِبُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: السَّاعَةَ أَضْرِبُكَ بِهَذِهِ السِّكِّينِ، يُمَازِحُهُ بِذَلِكَ، وَأَهْوَى نَحْوَهُ بِهَا، فَدَخَلَتْ فِي جَوْفِهِ فَمَاتَ، فَهَرَبَ الْقَاتِلُ ثُمَّ أُخِذَ وَأُمِرَ بِهِ لِيُقْتَلَ، فَلَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ طَلَبَ دَوَاةً [وَوَرَقَةً] بَيْضَاءَ، وَكَتَبَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ:

قَدِمْتُ عَلَى الْكَرِيمِ بِغَيْرِ زَادٍ ... مِنَ الْأَعْمَالِ بِالْقَلْبِ السَّلِيمِ

وَسُوءُ الظَّنِّ أَنْ تَعْتَدَّ زَادًا ... إِذَا كَانَ الْقُدُومُ عَلَى كَرِيمِ

وَفِيهَا حَجَّ بُرْهَانُ الدِّينِ صَدْرُ جِهَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَازَّةَ الْبُخَارِيُّ رَأْسُ الْحَنَفِيَّةِ بِبُخَارَى، وَهُوَ كَانَ صَاحِبَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، يُؤَدِّي الْخَرَاجَ إِلَى الْخَطَا، وَيَنُوبُ عَنْهُمْ فِي الْبَلَدِ، فَلَمَّا حَجَّ لَمْ تُحْمَدْ سِيرَتُهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَمْ يَصْنَعْ مَعْرُوفًا، وَكَانَ قَدْ أُكْرِمَ بِبَغْدَادَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ بُخَارَى، فَلَمَّا عَادَ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ لِسُوءِ سِيرَتِهِ مَعَ الْحُجَّاجِ، وَسَمَّاهُ الْحُجَّاجُ صَدْرَ جَهَنَّمَ.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِيهَا، فِي شَوَّالٍ، مَاتَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَرَمِ مَكِّيُّ بْنُ رَيَّانَ بْنِ شَبَّةَ النَّحْوِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>