للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتَسِمُونَ مَالِي فَأَهْلِكُ، وَأُحِبُّ أَنْ تُقَرِّرَ عَلَيَّ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ حَتَّى أَحْمِلَهُ إِلَيْكَ، فَقَرَّرَ عَلَيْهِ مَالًا، وَقَالَ لَهُ: أُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَ رَجُلًا عَاقِلًا يَذْهَبُ بِكِتَابِي إِلَى أَهْلِي وَيُخْبِرُهُمْ بِعَافِيَتِي، وَيُحْضِرُ مَعَهُ مَنْ يَحْمِلُ الْمَالَ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَكُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَهْلَنَا، وَلَكِنَّ هَذَا غُلَامِي أَثِقُ بِهِ، وَيُصَدِّقُهُ أَهْلِي فَأَذِنَ لَهُ الْخُطَائِيُّ بِإِنْفَاذِهِ، فَسَيَّرَهُ وَأَرْسَلَ مَعَهُ الْخُطَائِيُّ فَرَسًا، وَعِدَّةً مِنَ الْفُرْسَانِ يَحْمُونَهُ، فَسَارُوا حَتَّى قَارَبُوا خُوَارِزْمَ، وَعَادَ الْفُرْسَانُ عَنْ خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَوَصَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى خُوَارِزْمَ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ النَّاسُ وَضُرِبَتِ الْبَشَائِرُ وَزَيَّنُوا الْبَلَدَ، وَأَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِمَا صَنَعَ كُزْلَكُ بِنَيْسَابُورَ، وَبِمَا صَنَعَ أَخُوهُ عَلِيٌّ شَاهْ بِطَبَرِسْتَانَ.

ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ خُوَارِزْمُ شَاهْ بِخُرَاسَانَ

لَمَّا وَصَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى خُوَارِزْمَ أَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِمَا فَعَلَهُ كُزْلَكُ خَانْ وَأَخُوهُ عَلِيٌّ شَاهْ وَغَيْرُهُمَا، فَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ وَتَبِعَتْهُ الْعَسَاكِرُ، فَتَقَطَّعَتْ، وَوَصَلَ هُوَ إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ وَمَعَهُ سِتَّةُ فُرْسَانٍ، وَبَلَغَ كُزْلَكَ خَانْ وُصُولُهُ، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ وَعَسَاكِرَهُ وَهَرَبَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَبَلَغَ أَخَاهُ عَلِيًّا شَاهْ، فَخَافَهُ، وَسَارَ عَلَى طَرِيقِ قُهِسْتَانَ مُلْتَجِئًا إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ مَحْمُودٍ الْغُورِيِّ، صَاحِبِ فَيْرُوزَكُوه فَتَلَقَّاهُ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَهُ عِنْدَهُ.

وَأَمَّا خُوَارِزْمُ شَاهْ فَإِنَّهُ دَخَلَ نَيْسَابُورَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَهَا، وَجَعَلَ فِيهَا نَائِبًا، وَسَارَ إِلَى هَرَاةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا مَعَ عَسْكَرِهِ الَّذِينَ يُحَاصِرُونَهُ، وَأَحْسَنَ إِلَى أُولَئِكَ الْأُمَرَاءِ، وَوَثِقَ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ صَبَرُوا عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَلَمْ يَتَغَيَّرُوا، وَلَمْ يَبْلُغُوا مِنْ هَرَاةَ غَرَضًا بِحُسْنِ تَدْبِيرِ ذَلِكَ الْوَزِيرِ، فَأَرْسَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى الْوَزِيرِ يَقُولُ لَهُ: إِنَّكَ وَعَدْتَ عَسْكَرِي أَنَّكَ تُسَلِّمُ الْمَدِينَةَ إِذَا حَضَرْتُ، وَقَدْ حَضَرْتُ فَسَلِّمْ. فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، لِأَنِّي أَعْرِفُ أَنَّكُمْ غَدَّارُونَ، لَا تُبْقُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أُسَلِّمُ الْبَلَدَ إِلَّا إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ مَحْمُودٍ.

فَغَضِبَ خُوَارِزْمُ شَاهْ مِنْ ذَلِكَ، وَزَحَفَ إِلَيْهِ بِعَسَاكِرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حِيلَةٌ، فَاتَّفَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ هَرَاةَ وَقَالُوا: هَلَكَ النَّاسُ مِنَ الْجُوعِ وَالْقِلَّةِ، وَقَدْ تَعَطَّلَتْ عَلَيْنَا مَعَايِشُنَا، وَقَدْ مَضَى سَنَةٌ وَشَهْرٌ، وَكَانَ الْوَزِيرُ يَعِدُ بِتَسْلِيمِ الْبَلَدِ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>