وَصَلَ إِلَيْهِ، وَقَدْ حَضَرَ خُوَارَزْم شَاهْ وَلَمْ يُسَلِّمْ، وَيَجِبُ أَنْ نَحْتَالَ فِي تَسْلِيمِ الْبَلَدِ، وَالْخَلَاصِ مِنْ هَذِهِ الشِّدَّةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا.
فَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى الْوَزِيرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ جَمَاعَةً مِنْ عَسْكَرِهِ، وَأَمْرَهُمْ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِمْ، فَمَضَى الْجُنْدُ إِلَيْهِمْ، فَثَارَتْ فِتْنَةٌ فِي الْبَلَدِ عَظُمَ خَطْبُهَا، فَاحْتَاجَ الْوَزِيرُ إِلَى تَدَارُكِهَا بِنَفْسِهِ، فَمَضَى لِذَلِكَ، فَكَتَبَ مِنَ الْبَلَدِ إِلَى خُوَارَزْم شَاهْ بِالْخَبَرِ، وَزَحَفَ إِلَى الْبَلَدِ وَأَهْلُهُ مُخْتَلِطُونَ فَخَرَّبُوا بُرْجَيْنِ مِنَ السُّورِ، وَدَخَلُوا الْبَلَدَ فَمَلَكُوهُ، وَقَبَضُوا عَلَى الْوَزِيرِ فَقَتَلَهُ خُوَارَزْم شَاهْ، وَمَلَكَ الْبَلَدَ، وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَصْلَحَ حَالَهُ، وَسَلَّمَهُ إِلَى خَالِهِ أَمِيرِ مُلْكْ، وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ أُمَرَائِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِيَدِهِ حَتَّى هَلَكَ خُوَارَزْم شَاهْ.
وَأَمَّا ابْنُ شِهَابِ الدِّينِ مَسْعُودٌ فَإِنَّهُ أَقَامَ عِنْدَ الْخَطَا مُدَيْدَةً، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اسْتَأْسَرَهُ يَوْمًا: إِنَّ خُوَارَزْم شَاهْ قَدْ عُدِمَ فَإِيشْ عِنْدَكَ مِنْ خَبَرِهِ؟ فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَعْرِفُهُ؟ ! قَالَ: لَا. قَالَ: هُوَ أَسِيرُكَ الَّذِي كَانَ عِنْدَكَ. فَقَالَ: لِمَ لَمْ تُعَرِّفْنِي حَتَّى كُنْتُ أَخْدُمُهُ، وَأَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى مَمْلَكَتِهِ؟ قَالَ: خِفْتُكُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْخَطَّائِيُّ: سِرْ بِنَا إِلَيْهِ فَسَارَا إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُمَا، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ.
ذِكْرُ قَتْلِ غِيَاثِ الدِّينِ مَحْمُودٍ
لَمَّا سَلَّمَ خُوَارَزْم شَاهْ هَرَاةَ إِلَى خَالِهِ أَمِيرِ مُلْكْ وَسَارَ إِلَى خُوَارَزْمَ، أَمْرَهُ أَنْ يَقْصِدَ غِيَاثَ الدِّينِ مَحْمُودَ بْنَ غِيَاثِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ سَامٍ الْغُورِيَّ، صَاحِبَ الْغُورِ وَفَيْرُوزَكُوهْ، وَأَنْ يَقْبِضَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَخِيهِ عَلِي شَاهْ بْنِ خُوَارَزْم شَاهْ، وَيَأْخُذَ فَيْرُوزَكُوهْ مِنْ غِيَاثِ الدِّينِ.
فَسَارَ أَمِيرُ مُلْكٍ إِلَى فَيْرُوزَكُوهْ ; وَبَلَغَ ذَلِكَ إِلَى مَحْمُودٍ، فَأَرْسَلَ يَبْذُلُ الطَّاعَةَ وَيَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ مَحْمُودٌ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ أَمِيرُ مُلْكْ، وَعَلَى عَلِي شَاهْ أَخُو خُوَارَزْم شَاهْ، فَسَأَلَاهُ أَنْ يَحْمِلَهُمَا إِلَى خُوَارَزْم شَاهْ لِيَرَى فِيهِمَا رَأْيَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى خُوَارَزْم شَاهْ يُعَرِّفُهُ الْخَبَرَ، فَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِمَا، فَقُتِلَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَاسْتَقَامَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute