للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَاطَ فَسَارَ إِلَيْهِ بُلْبَانُ فَتَصَافَّا وَاقْتَتَلَا، فَانْهَزَمَ بُلْبَانُ وَتَمَكَّنَ نَجْمُ الدِّينِ مِنَ الْبَلَدِ وَازْدَادَ مِنْهَا.

وَدَخَلَ بُلْبَانُ خِلَاطَ وَاعْتَصَمَ بِهَا، وَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى مُغِيثِ الدِّينِ طُغْرُل شَاهْ بْنِ قَلْجِ أَرْسِلَان، وَهُوَ صَاحِبُ أَرْزَنِ الرُّومِ، يَسْتَنْجِدُهُ عَلَى نَجْمِ الدِّينِ، فَحَضَرَ بِنَفْسِهِ وَمَعَهُ عَسْكَرُهُ فَاجْتَمَعَا، وَهَزَمَا نَجْمَ الدِّينِ، وَحَصَرَا مُوشَ، فَأَشْرَفَ الْحِصْنُ عَلَى أَنْ يُمْلَكَ، فَغَدَرَ ابْنُ قَلْجِ أَرْسِلَان بِصَاحِبِ خِلَاطَ وَقَتَلَهُ ; طَمَعًا فِي الْبِلَادِ فَلَمَّا قَتَلَهُ سَارَ إِلَى خِلَاطَ. فَمَنَعَهُ أَهْلُهَا عَنْهَا، فَسَارَ إِلَى مَلَازَكُرْدَ، فَرَدَّهَ أَهْلُهَا أَيْضًا وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ. فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْبِلَادِ مَطْمَعًا عَادَ إِلَى بَلَدِهِ.

فَأَرْسَلَ أَهْلُ خِلَاطَ إِلَى نَجْمِ الدِّينِ يَسْتَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ لِيُمَلِّكُوهُ، فَحَضَرَ عِنْدَهُمْ وَمَلَكَ خِلَاطَ وَأَعْمَالَهَا سِوَى الْيَسِيرِ مِنْهَا، وَكَرِهَ الْمُلُوكُ الْمُجَاوِرُونَ لَهُ مُلْكَهُ لَهَا ; خَوْفًا مِنْ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا خَافَهُ الْكَرْجُ وَكَرِهُوهُ، فَتَابَعُوا الْغَارَاتِ عَلَى أَعْمَالِ خِلَاطَ وَبِلَادِهَا، وَنَجْمُ الدِّينِ مُقِيمٌ بِخِلَاطَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَتِهَا، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ أَذًى شَدِيدًا.

وَاعْتَزَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ عَسْكَرِ خِلَاطَ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى حِصْنِ وَانٍ، وَهُوَ مَنْ أَعْظَمِ الْحُصُونِ وَأَمْنَعِهَا، وَعَصَوْا عَلَى نَجْمِ الدِّينِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَمَلَكُوا مَدِينَةَ أَرْجِيشَ، فَأَرْسَلَ نَجْمُ الدِّينِ إِلَى أَبِيهِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ يُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَمُدَّهُ بِعَسْكَرٍ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ أَخَاهُ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ مُوسَى بْنَ الْعَادِلِ فِي عَسْكَرٍ، فَاجْتَمَعَا فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ وَحَصَرَا قَلْعَةَ وَانٍ وَبِهَا الْخِلَاطِيَّةُ، وَجَدُّوا فِي قِتَالِهِمْ فَضَعُفَ أُولَئِكَ عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ فَسَلَّمُوهَا صُلْحًا وَخَرَجُوا مِنْهَا، وَتَسَلَّمَهَا نَجْمُ الدِّينِ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِخِلَاطَ وَأَعْمَالِهَا، وَعَادَ أَخُوهُ الْأَشْرَفُ إِلَى بَلَدِهِ حَرَّانَ وَالرُّهَا.

ذِكْرُ غَارَاتِ الْفِرِنْجِ بِالشَّامِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ الْفِرِنْجُ الَّذِينَ بِطَرَابُلُسَ وَحِصْنِ الْأَكْرَادِ، وَأَكْثَرُوا الْإِغَارَةَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>