أَيْضًا، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فِي دَوْلَةِ أَلْدُزَ، وَهُوَ النَّائِبُ عَنْهُ بِغَزْنَةَ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ تَخْطُبَ لَهُ، وَتُعْطِيَهِ مَا طَلَبَ، وَتَسْتَرِيحَ مِنَ الْحَرْبِ وَالْقِتَالِ، وَلَيْسَ لَنَا بِهَذَا السُّلْطَانِ قُوَّةٌ.
فَقَالَ الْجَمَاعَةُ مِثْلَ قَوْلِهِ، فَأَجَابَ إِلَى مَا طُلِبَ مِنْهُ وَخَطَبَ لِخُوَارَزْم شَاهْ، وَضَرَبَ السِّكَّةَ بِاسْمِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فِيلًا، وَأَعَادَ رَسُولَهُ إِلَيْهِ، وَمَضَى إِلَى الصَّيْدِ.
فَأَرْسَلَ قِتَلْغُ تَكِينَ وَالِيَ غَزْنَةَ، إِلَى خُوَارَزْم شَاهْ يَطْلُبُهُ لِيُسَلِّمَ إِلَيْهِ غَزْنَةَ، فَسَارَ مُجِدًّا، وَسَبَقَ خَبَرَهُ، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ قِتَلْغُ تَكِينَ غَزْنَةَ وَقَلْعَتَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهَا قَتَلَ مَنْ بِهَا مِنْ عَسْكَرِ الْغُورِيَّةِ لَا سِيَّمَا الْأَتْرَاكُ، فَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى أَلْدُزَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ قِتَلْغُ تَكِينَ، وَكَيْفَ مَلَكَ الْقَلْعَةَ مَعَ وُجُودِهِ فِيهَا؟ فَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، فَمَضَى هَارِبًا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى لَهَاوُورَ، وَأَقَامَ خُوَارَزْم شَاهْ بِغَزْنَةَ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا أَحْضَرَ قِتَلْغُ تَكِينَ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ حَالُكَ مَعَ أَلْدُزَ؟ وَكَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ تَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: كِلَانَا مَمَالِيكُ شِهَابِ الدِّينِ، وَلَمْ يَكُنْ أَلْدُزَ يُقِيمُ بِغَزْنَةَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرِ الصَّيْفِ، وَأَنَا الْحَاكِمُ فِيهَا، وَالْمَرْجِعُ إِلَيَّ فِي كُلِّ الْأُمُورِ.
فَقَالَ لَهُ خُوَارَزْم شَاهْ: إِذَا كُنْتَ لَا تَرْعَى لِرَفِيقِكَ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ صُحْبَتَهُ وَإِحْسَانَهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالِي أَنَا مَعَكَ، وَمَا الَّذِي تَصْنَعُ مَعَ وَلَدِي إِذَا تَرَكْتُهُ عِنْدَكَ؟ فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ أَمْوَالًا جَمَّةً ; حَمَلَهَا ثَلَاثُونَ دَابَّةً مِنْ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ، وَأَحْضَرَ أَرْبَعَمِائَةِ مَمْلُوكٍ، فَلَمَّا أَخَذَ مَالَهُ قَتَلَهُ وَتَرَكَ وَلَدَهُ جَلَالَ الدِّينِ بِغَزْنَةَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأُمَرَائِهِ.
وَقِيلَ إِنَّ مُلْكَ خُوَارَزْم شَاهْ غَزْنَةَ كَانَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ أَلْدُزَ عَلَى لَهَاوُورَ وَقَتْلِهِ
لَمَّا هَرَبَ أَلْدُزُ مِنْ غَزْنَةَ إِلَى لَهَاوُورَ لَقِيَهُ صَاحِبُهَا نَاصِرُ الدِّينِ قَبَاجَةُ، وَهُوَ مِنْ مَمَالِيكِ شِهَابِ الدِّينِ الْغُورِيِّ أَيْضًا، وَلَهُ مِنَ الْبِلَادِ لَهَاوُورُ، وَمُلْتَانُ وَأُوجَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute