وَأَعَادَ إِلَى النَّاسِ أَمْلَاكَهُمْ وَمُصَادَرَاتِهِمْ، فَاغْتَبَطُوا بِوِلَايَتِهِ.
ذِكْرُ ظَفَرِ الْمُسْلِمِينَ بِالْكُرْجِ أَيْضًا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا سَارَ جَمْعٌ مِنَ الْكُرْجِ مِنْ تَفْلِيسَ يَقْصِدُونَ أَذْرَبِيجَانَ وَالْبِلَادَ الَّتِي بِيَدِ أُوزْبَكَ، فَنَزَلُوا وَرَاءَ مَضِيقٍ فِي الْجِبَالِ لَا يُسْلَكُ إِلَّا لِلْفَارِسِ بَعْدَ الْفَارِسِ، فَنَزَلُوا آمِنِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اسْتِضْعَافًا لَهُمْ وَاغْتِرَارًا بِحَصَانَةِ مَوْضِعِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَيْهِمْ.
وَرَكِبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَقَصَدُوا الْكُرْجَ، فَوَصَلُوا إِلَى ذَلِكَ الْمَضِيقِ، فَجَازُوهُ مُخَاطِرِينَ، فَلَمْ يَشْعُرِ الْكُرْجُ إِلَّا وَقَدْ غَشِيَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ، فَقَتَلُوهُمْ كَيْفَ شَاءُوا، وَوَلَّى الْبَاقُونَ مُنْهَزِمِينَ لَا يَلْوِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا أَخٌ عَلَى أَخِيهِ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ صَالِحٌ، فَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَعَزَمُوا عَلَى الْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ، وَالْجِدِّ فِي قَصْدِ أَذْرَبِيجَانَ وَاسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ، وَأَخَذُوا يَتَجَهَّزُونَ عَلَى قَدْرِ عَزْمِهِمْ.
فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ وَصَلَ إِلَيْهِمُ الْخَبَرُ بِوُصُولِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ إِلَى مَرَاغَةَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ وَأَرْسَلُوا إِلَى أُوزْبَكَ صَاحِبِ أَذْرَبِيجَانَ، يَدْعُونَهُ إِلَى الْمُوَافَقَةِ عَلَى رَدِّ جَلَالِ الدِّينِ، وَقَالُوا: إِنْ لَمْ نَتَّفِقْ نَحْنُ وَأَنْتَ، وَإِلَّا أَخَذَكَ ثُمَّ أَخَذَنَا، فَعَاجَلَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ قَبْلَ اتِّفَاقِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ، فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَعَالَى.
ذِكْرُ مُلْكِ جَلَالِ الدِّينِ أَذْرَبِيجَانَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى جَلَالُ الدِّينِ عَلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا سَارَ مِنْ دَقُوقَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، قَصَدَ كُلَّ مَرَاغَةَ فَمَلَكَهَا وَأَقَامَ بِهَا، وَشَرَعَ فِي عِمَارَةِ الْبَلَدِ، فَاسْتَحْسَنَهُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا، أَتَاهُ الْخَبَرُ أَنَّ الْأَمِيرَ إِيغَانَ طَائِيسِي، وَهُوَ خَالُ أَخِيهِ غِيَاثِ الدِّينِ، قَدْ قَصَدَ هَمَذَانَ قَبْلَ وُصُولِ جَلَالِ الدِّينِ بِيَوْمَيْنِ.
وَكَانَ إِيغَانُ طَائِيسِي هَذَا قَدْ جَمَعَ عَسْكَرًا كَثِيرًا يَبْلُغُونَ خَمْسَةَ آلَافِ فَارِسٍ. وَنَهَبَ كَثِيرًا مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، وَسَارَ إِلَى الْبَحْرِ مِنْ بَلَدِ أَرَّانَ، فَشَتَّى هُنَالِكَ لِقِلَّةِ الْبَرْدِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute