فَأَقَامُوا عَلَى حَالِهِمْ، وَعَادَ هُوَ إِلَى تِبْرِيزَ، وَقَبَضَ عَلَى الرَّئِيسِ وَالطُّغْرَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فَأَمَّا الرَّئِيسُ فَأَمَرَ أَنْ يُطَافَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مَظْلَمَةٌ فَلْيَأْخُذْهَا مِنْهُ، وَكَانَ ظَالِمًا، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَحُبِسُوا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمْ وَاسْتَقَامَ لَهُ أَمْرُ الْبَلَدِ، تَزَوَّجَ زَوْجَةَ أُوزْبَكَ ابْنَةَ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ، وَإِنَّمَا صَحَّ لَهُ نِكَاحُهَا ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ أُوزْبَكَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مَمْلُوكًا لَهُ اسْمُهُ (. . . . .) ثُمَّ قَتَلَهُ، فَلَمَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ، نَكَحَهَا جَلَالُ الدِّينِ، وَأَقَامَ بِتِبْرِيزَ مُدَّةً، وَسَيَّرَ مِنْهَا جَيْشًا إِلَى مَدِينَةِ كَنْجَةَ فَمَلَكُوهَا، وَفَارَقَهَا أُوزْبَكُ إِلَى قَلْعَةِ كَنْجَةَ فَتَحَصَّنَ فِيهَا.
فَبَلَغَنِي أَنَّ عَسَاكِرَ جَلَالِ الدِّينِ تَعَرَّضُوا لِأَعْمَالِ هَذِهِ الْقَلْعَةِ بِالنَّهْبِ وَالْأَخْذِ، فَأَرْسَلَ أُوزْبَكُ إِلَى جَلَالِ الدِّينِ يَشْكُو، وَيَقُولُ: كُنْتُ لَا أَرْضَى بِهَذِهِ الْحَالِ لِبَعْضِ أَصْحَابِي، فَأَنَا أَسْأَلُ أَنْ تَكُفَّ الْأَيْدِيَ الْمُتَطَرِّقَةَ إِلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ عَنْهَا. فَأَرْسَلَ جَلَالُ الدِّينِ إِلَيْهَا مَنْ يَحْمِيهَا مِنَ التَّعَرُّضِ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، تُوُفِّيَ الْخَلِيفَةُ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُظَفَّرِ يُوسُفَ بْنِ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الذَّخِيرَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْفَضْلِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُوَفَّقِ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُوَفَّقُ خَلِيفَةً، وَإِنَّمَا كَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَخِيهِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ، فَمَاتَ قَبْلَ الْمُعْتَمِدِ، فَصَارَ وَلَدُهُ الْمُعْتَضِدُ بِاللَّهِ وَلِيَّ عَهْدِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute