للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى، وَيُرَغِّبُكُمْ فِي طَاعَتِهِ، فَإِنْ سَلَكْتُمْ مَسَالِكَ خُلَفَاءِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَأُمَنَائِهِ عَلَى خَلْقِهِ وَإِلَّا هَلَكْتُمْ، وَالسَّلَامُ ".

وَلَمَّا تُوُفِّيَ وَجَدُوا فِي بَيْتٍ، فِي دَارِهِ أُلُوفَ رِقَاعٍ كُلُّهَا مَخْتُومَةٌ لَمْ يَفْتَحْهَا، فَقِيلَ لَهُ لِيَفْتَحَهَا، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا، كُلُّهَا سِعَايَاتٌ.

وَلَمْ أَزَلْ - عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ - مُذْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ، أَخَافُ عَلَيْهِ قِصَرَ الْمُدَّةِ لِخُبْثِ الزَّمَانِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ، وَأَقُولُ لِكَثِيرٍ مِنْ أَصْدِقَائِنَا: وَمَا أَخْوَفَنِي أَنْ تَقْصُرَ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ ; لِأَنَّ زَمَانَنَا وَأَهْلَهُ لَا يَسْتَحِقُّونَ خِلَافَتَهُ، فَكَانَ كَذَلِكَ.

ذِكْرُ خِلَافَةِ ابْنِهِ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ.

لَمَّا تُوُفِّيَ الظَّاهِرُ بِأَمْرِ اللَّهِ، بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ ابْنُهُ الْأَكْبَرُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، وَلُقِّبَ الْمُسْتَنْصِرَ بِاللَّهِ، وَسَلَكَ فِي الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ سِيرَةَ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَمَرَ فَنُودِيَ بِبَغْدَادَ بِإِفَاضَةِ الْعَدْلِ، وَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ، أَوْ مَظْلَمَةٌ يُطَالِعُ بِهَا، تُقْضَى حَاجَتُهُ، وَتُكْشَفُ مَظْلَمَتُهُ.

فَلَمَّا كَانَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ أَتَتْ عَلَى خِلَافَتِهِ، أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا الْخُلَفَاءُ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّ الْمُطْبَقَ الَّذِي يَسْلُكُ فِيهِ إِلَيْهَا خَرَابٌ لَا يُمْكِنُ سُلُوكُهُ، فَرَكِبَ فَرَسًا وَسَارَ إِلَى الْجَامِعِ جَامِعِ الْقَصْرِ، ظَاهِرًا يَرَاهُ النَّاسُ بِقَمِيصٍ أَبْيَضَ وَعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ، بِسَكَاكِينَ حَرِيرٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَمْشِي مَعَهُ بَلْ أَمَرَ كُلَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَسَارَ هُوَ وَمَعَهُ خَادِمَانِ وَرِكَابْدَارُ لَا غَيْرَ، وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ حَتَّى أُصْلِحَ لَهُ الْمُطْبَقُ.

وَكَانَ السِّعْرُ قَدْ تَحَرَّكَ بَعْدَ وَفَاةِ الظَّاهِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَبَلَغَتِ الْكَارَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا، فَأَمَرَ أَنْ تُبَاعَ الْغَلَّاتُ الَّتِي لَهُ كُلُّ كَارَةٍ بِثَلَاثَ عَشَرَ قِيرَاطًا، فَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ وَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ كَيْقُبَاذَ وَصَاحِبِ آمِدَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ، سَارَ عَلَاءُ الدِّينِ كَيْقُبَاذُ بْنُ كَيْخَسْرُو [بْنِ] قَلِجْ

<<  <  ج: ص:  >  >>