للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ ظَفِرُوا بِهِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُهَا، فَعَادُوا عَنْهَا، وَمَضَوْا إِلَى بَلَدِ سِنْجَارَ، وَوَصَلُوا إِلَى الْجِبَالِ مِنْ أَعْمَالِ سِنْجَارَ، فَنَهَبُوهَا وَدَخَلُوا إِلَى الْخَابُورِ، فَوَصَلُوا إِلَى عَرَابَانَ، فَنَهَبُوا، وَقَتَلُوا، وَعَادُوا.

وَمَضَى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَوْصِلِ، فَوَصَلَ الْقَوْمُ إِلَى قَرْيَةٍ تُسَمَّى الْمُؤْنِسَةَ، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ نَصِيبِينَ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْصِلِ، فَنَهَبُوهَا وَاحْتَمَى أَهْلُهَا وَغَيْرُهُمْ بِخَانٍ فِيهَا، فَقَتَلُوا كُلَّ مَنْ فِيهِ.

وَحُكِيَ لِي عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: اخْتَفَيْتُ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ فِيهِ تِبْنٌ، فَلَمْ يَظْفَرُوا بِي، وَكُنْتُ أَرَاهُمْ مِنْ نَافِذَةٍ فِي الْبَيْتِ، فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا قَتْلَ إِنْسَانٍ، فَيَقُولُ: لَا بِاللَّهِ، فَيَقْتُلُونَهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْقَرْيَةِ، وَنَهَبُوا مَا فِيهَا، وَسَبُوا الْحَرِيمَ، رَأَيْتُهُمْ وَهُمْ يَلْعَبُونَ عَلَى الْخَيْلِ، وَيَضْحَكُونَ، وَيُغَنُّونَ بِلُغَتِهِمْ بِقَوْلِ: لَا بِاللَّهِ.

وَمَضَى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى نَصِيبِينَ الرُّومِ، وَهِيَ عَلَى الْفُرَاتِ، وَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ آمِدَ، فَنَهَبُوهَا، وَقَتَلُوا فِيهَا، ثُمَّ عَادُوا إِلَى آمِدَ، ثُمَّ إِلَى بَلَدِ بَدْلِيسَ، فَتَحَصَّنَ أَهْلُهَا بِالْقَلْعَةِ وَبِالْجِبَالِ، فَقَتَلُوا فِيهَا يَسِيرًا، وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ.

وَحَكَى إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا خَمْسُ مِائَةِ فَارِسٍ، لَمْ يَسْلَمْ مِنَ التَّتَرِ أَحَدٌ ; لَأَنَّ الطَّرِيقَ ضَيِّقٌ بَيْنَ الْجِبَالِ، وَالْقَلِيلُ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ الْكَثِيرِ.

ثُمَّ سَارُوا مِنْ بَدْلِيسَ إِلَى خِلَاطَ، فَحَصَرُوا مَدِينَةً مِنْ أَعْمَالِ خِلَاطَ يُقَالُ لَهَا: بَاكْرَى، وَهِيَ مِنْ أَحْصَنِ الْبِلَادِ، فَمَلَكُوهَا عَنْوَةً، وَقَتَلُوا كُلَّ مَنْ بِهَا، وَقَصَدُوا مَدِينَةَ أَرْجِيشَ مِنْ أَعْمَالِ خِلَاطَ، وَهِيَ مَدِينَةٌ كَبِيرَةٌ عَظِيمَةٌ، فَفَعَلُوا كَذَلِكَ، وَكَانَ هَذَا فِي ذِي الْحِجَّةِ.

وَلَقَدْ حُكِيَ لِي عَنْهُمْ حِكَايَاتٌ يَكَادُ سَامِعُهَا يُكَذِّبُ بِهَا مِنَ الْخَوْفِ الَّذِي أَلْقَى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فِي قُلُوبِ النَّاسِ مِنْهُمْ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ أَوِ الدَّرْبَ وَبِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَلَا يَزَالُ يَقْتُلُهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، لَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ [أَنْ] يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى ذَلِكَ الْفَارِسِ.

وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ إِنْسَانًا مِنْهُمْ أَخَذَ رَجُلًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ التَّتَرِيِّ مَا يَقْتُلُهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ رَأْسَكَ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا تَبْرَحْ، فَوَضَعَ رَأَسَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَمَضَى التَّتَرِيُّ فَأَحْضَرَ سَيْفًا وَقَتَلَهُ بِهِ.

وَحَكَى لِي رَجُلٌ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَمَعِي سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِي طَرِيقٍ، فَجَاءَنَا فَارِسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>