مِنَ التَّتَرِ، وَقَالَ لَنَا حَتَّى يُكَتِّفَ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَشَرَعَ أَصْحَابِي يَفْعَلُونَ مَا أَمَرَهُمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا وَاحِدٌ فَلِمَ لَا نَقْتُلُهُ وَنَهْرُبُ؟ فَقَالُوا: نَخَافُ. فَقُلْتُ: هَذَا يُرِيدُ قَتْلَكُمُ السَّاعَةَ، فَنَحْنُ نَقْتُلُهُ، فَلَعَلَّ اللَّهَ يُخَلِّصُنَا، فَوَاللَّهِ مَا جَسَرَ أَحَدٌ [أَنْ] يَفْعَلَ، فَأَخَذْتُ سِكِّينًا وَقَتَلْتُهُ وَهَرَبْنَا فَنَجَوْنَا، وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرٌ.
ذِكْرُ وَصُولِ طَائِفَةٍ مِنَ التَّتَرِ إِلَى إِرْبِلَ وَدَقُوقَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَصَلَ طَائِفَةٌ مِنَ التَّتَرِ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ إِلَى أَعْمَالِ إِرْبِلَ، فَقَتَلُوا مَنْ عَلَى طَرِيقِهِمْ مِنَ التُّرْكُمَانِ الْإِيوَانِيَّةِ وَالْأَكْرَادِ الْجُوزْقَانِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنْ دَخَلُوا بَلَدَ إِرْبِلَ، فَنَهَبُوا الْقُرَى، وَقَتَلُوا مَنْ ظَفِرُوا بِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَعَمِلُوا الْأَعْمَالَ الشَّنِيعَةَ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَبَرَزَ مُظَفَّرُ الدِّينِ صَاحِبُ إِرْبِلَ فِي عَسَاكِرِهِ، وَاسْتَمَدَّ عَسَاكِرَ الْمَوْصِلِ فَسَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ عَوْدُ التَّتَرِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، أَقَامَ فِي بِلَادِهِ [وَلَمْ يَتْبَعْهُمْ] ، فَوَصَلُوا إِلَى بَلَدِ الْكَرْخِينِيِّ، وَبَلَدِ دَقُوقَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَادُوا سَالِمِينَ لَمْ يَذْعَرْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا وَقَفَ فِي وُجُوهِهِمْ فَارِسٌ.
وَهَذِهِ مَصَائِبُ وَحَوَادِثُ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَحَدِيثِهِ مَا يُقَارِبُهَا، فَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَلْطُفُ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُهُمْ، وَيَرُدُّ هَذَا الْعَدُوَّ عَنْهُمْ، وَخَرَجَتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَلَمْ نَتَحَقَّقْ لِجَلَالِ الدِّينِ خَبَرًا، وَلَا نَعْلَمُ هَلْ قُتِلَ أَوِ اخْتَفَى، لَمْ يُظْهِرْ نَفْسَهُ خَوْفًا مِنَ التَّتَرِ، أَوْ فَارَقَ الْبِلَادَ إِلَى غَيْرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ طَاعَةِ أَهْلِ أَذْرَبِيجَانَ لِلتَّتَرِ.
فِي أَوَاخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ أَطَاعَ أَهْلُ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ جَمِيعِهَا لِلتَّتَرِ، وَحَمَلُوا إِلَيْهِمُ الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ الْخِطَائِيَّ، وَالْخُوَيِّيَّ، وَالْعِتَابِيَّ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَسَبَبُ طَاعَتِهِمْ أَنَّ جَلَالَ الدِّينِ لَمَّا انْهَزَمَ عَلَى آمِدَ مِنَ التَّتَرِ، وَتَفَرَّقَتْ عَسَاكِرُهُ، وَتَمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَتَخَطَّفَهُمُ النَّاسُ، وَفَعَلَ التَّتَرُ بِدِيَارِ بَكْرٍ وَالْجَزِيرَةِ، وإِرْبِلَ وَخِلَاطَ مَا فَعَلُوا، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute