ثُمَّ نُقَاتِلَهُمْ. فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ» .
فَلَمَّا نَزَلَ جَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا مِنْ جَرِيدٍ فَتَكُونُ فِيهِ وَنَتْرُكُ عِنْدَكَ رَكَائِبَكَ، ثُمَّ نَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِنْ أَعَزَّنَا اللَّهُ وَأَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا أَحْبَبْنَاهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى جَلَسْتَ عَلَى رَكَائِبِكَ فَلَحِقْتَ بِمَا وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ مَا نَحْنُ بِأَشَدَّ حُبًّا لَكَ مِنْهُمْ، وَلَوْ ظَنُّوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، يَمْنَعُكَ اللَّهُ بِهِمْ، يُنَاصِحُونَكَ وَيُحَارِبُونَ مَعَكَ. فَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا» .
ثُمَّ بُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرِيشٌ، وَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ: «اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ! اللَّهُمَّ فَنَصْرُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي! اللَّهُمَّ أَحِنْهُمُ الْغَدَاةَ. وَرَأَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَقَالَ: إِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا» .
وَكَانَ خُفَافُ بْنُ إِيمَاءَ بْنِ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ، أَوْ أَبُوهُ إِيمَاءُ، بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ حِينَ مَرُّوا بِهِ ابْنًا لَهُ بِجَزَائِرَ، أَهْدَاهَا لَهُمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْمَدَدَ بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاحِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنْ كُنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ فَمَا بِنَا مِنْ ضَعْفٍ، وَإِنْ كُنَّا نُقَاتِلُ اللَّهَ كَمَا زَعَمَ مُحَمَّدٌ فَمَا لِأَحَدٍ بِاللَّهِ طَاقَةٌ. فَلَمَّا نَزَلَتْ قُرَيْشٌ أَقْبَلَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، حَتَّى وَرَدُوا حَوْضَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتْرُكُوهُمْ، فَمَا شَرِبَ مِنْهُ رَجُلٌ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَئِذٍ» ، إِلَّا حَكِيمٌ نَجَا عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الْوَجِيهُ، وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ يَقُولُ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ: لَا وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ.
وَلَمَّا اطْمَأَنَّتْ قُرَيْشٌ بَعَثُوا عَمْرَو بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ لِيَحْزِرَ الْمُسْلِمِينَ، فَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَهُمْ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: هُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ يَزِيدُونَ قَلِيلًا أَوْ يَنْقُصُونَ،
وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْوَلَايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا
، نَوَاضِحَ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ، لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللَّهِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute