للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَسَدِيَّ فِي آثَارِهِمْ، فَلَقِيَهُمْ عَاصِمٌ وَخَيْلُ فَارِسَ تَحُوشُهُمْ لِيُخَلِّصُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْفُرْسُ هَرَبُوا وَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْغَنَائِمِ.

وَأَرْسَلَ سَعْدٌ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ وَطُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّ طَلِيعَةً، فَسَارَا فِي عَشَرَةٍ، فَلَمْ يَسِيرُوا إِلَّا فَرْسَخًا وَبَعْضَ آخَرَ حَتَّى رَأَوْا مَسَالِحَهُمْ وَسَرْحَهُمْ عَلَى الطُّفُوفِ قَدْ مَلَئُوهَا، فَرَجَعَ عَمْرٌو وَمَنْ مَعَهُ، وَأَبَى طُلَيْحَةُ إِلَّا التَّقَدُّمَ، فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ رَجُلٌ فِي نَفْسِكَ غَدْرٌ، وَلَنْ تُفْلِحَ بَعْدَ قَتْلِ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، فَارْجِعْ مَعَنَا. فَأَبَى، فَرَجَعُوا إِلَى سَعْدٍ فَأَخْبَرُوهُ بِقُرْبِ الْقَوْمِ.

وَمَضَى طُلَيْحَةُ حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَ رُسْتُمَ، وَبَاتَ فِيهِ يَجُوسُهُ وَيَتَوَسَّمُ، فَهَتَكَ أَطْنَابَ بَيْتِ رَجُلٍ عَلَيْهِ وَاقْتَادَ فَرَسَهُ، ثُمَّ هَتَكَ عَلَى آخَرَ بَيْتَهُ وَحَلَّ فَرَسَهُ، ثُمَّ فَعَلَ بِآخَرَ كَذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ يَعْدُو بِهِ فَرَسُهُ، وَنَذَرَ بِهِ النَّاسُ فَرَكِبُوا فِي طَلَبِهِ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَحِقَهُ فَارِسٌ مِنَ الْجُنْدِ فَقَتَلَهُ طُلَيْحَةُ، ثُمَّ آخَرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ ثَالِثٌ فَرَأَى مَصْرَعَ صَاحِبَيْهِ، وَهُمَا ابْنَا عَمِّهِ، فَازْدَادَ حَنَقًا، فَلَحِقَ طُلَيْحَةَ، فَكَرَّ عَلَيْهِ طُلَيْحَةُ وَأَسَرَهُ، وَلَحِقَهُ النَّاسُ، فَرَأَوْا فَارِسَيِ الْجُنْدِ قَدْ قُتِلَا وَأُسِرَ الثَّالِثُ وَقَدْ شَارَفَ طُلَيْحَةُ عَسْكَرَهُ، فَأَحْجَمُوا عَنْهُ، وَدَخَلَ طُلَيْحَةُ عَلَى سَعْدٍ وَمَعَهُ الْفَارِسِيُّ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَسَأَلَ التُّرْجُمَانُ الْفَارِسِيَّ، فَطَلَبَ الْأَمَانَ، فَآمَنَهُ سَعْدٌ، قَالَ: أُخْبِرُكُمْ عَنْ صَاحِبِكُمْ هَذَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَمَّنْ قِبَلِي، بَاشَرْتُ الْحُرُوبَ مُنْذُ أَنَا غُلَامٌ إِلَى الْآنِ، وَسَمِعْتُ بِالْأَبْطَالِ، وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا، أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ فَرْسَخَيْنِ إِلَى عَسْكَرٍ فِيهِ سَبْعُونَ أَلْفًا، يَخْدِمُ الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْخَمْسَةُ وَالْعَشَرَةُ، فَلَمْ يَرْضَ أَنْ يَخْرُجَ كَمَا دَخَلَ حَتَّى سَلَبَ فُرْسَانَ الْجُنْدِ، وَهَتَكَ عَلَيْهِمُ الْبُيُوتَ، فَلَمَّا أَدْرَكْنَاهُ قَتَلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ، ثُمَّ الثَّانِي وَهُوَ نَظِيرُهُ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ أَنَا وَلَا أَظُنُّ أَنَّنِي خَلَّفْتُ مِنْ بَعْدِي مَنْ يَعْدِلُنِي وَأَنَا الثَّائِرُ بِالْقَتِيلَيْنِ، فَرَأَيْتُ الْمَوْتَ وَاسْتُؤْسِرْتُ. ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَنِ الْفُرْسِ، وَأَسْلَمَ وَلَزِمَ طُلَيْحَةَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَاءِ بِالْقَادِسِيَّةِ، وَسَمَّاهُ سَعْدٌ مُسْلِمًا.

ثُمَّ سَارَ رُسْتُمُ وَقَدِمَ الْجَالِينُوسُ وَذَا الْحَاجِبِ، فَنَزَلَ الْجَالِينُوسُ بِحِيَالِ زُهْرَةَ مِنْ دُونِ الْقَنْطَرَةِ، وَنَزَلَ ذُو الْحَاجِبِ بِطِيزَنَابَاذَ، وَنَزَلَ رُسْتُمُ بِالْخَرَّارَةِ، ثُمَّ سَارَ رُسْتُمُ فَنَزَلَ بِالْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ بَيْنَ مَسِيرِهِ مِنَ الْمَدَائِنِ وَوُصُولِهِ الْقَادِسِيَّةَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، لَا يَقْدَمُ رَجَاءَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>