للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ايها المطلقون مِنْ وُجْدِكُمْ اى من وسعكم ومقتضى طاقتكم من ملك او اجارة او اعارة وَلا تُضآرُّوهُنَّ في السكنى لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يضطررن الى الخروج وَإِنْ كُنَّ اى المطلقات أُولاتِ حَمْلٍ منكم ايها المطلقون فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فيخرجن من العدة وهذا الحكم اى الانفاق على المعتدة مخصوص باولات الأحمال من المعتدات إذ الانفاق حقيقة انما هو لاولات الأولاد دون غيرهن من المعتدات إذ لا سبب يوجبها وإذا وضعن فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ أولادكم بعد رفع رابطة النكاح فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على الإرضاع مثل سائر المرضعات الاجنبيات ولا تعللوا بكونهن أمهات الرضيع وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ اى ليأمر بعضكم بعضا ايها المؤمنون في إرضاع المطلقة ولدها من المطلق بِمَعْرُوفٍ مستحسن مقبول شرعا من إعطاء الاجرة الكاملة والزيادة عليها مراعاة للمروءة وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ وتضايقتم في الاجرة عليها فَسَتُرْضِعُ لَهُ امرأة أُخْرى غيرها الا ان المروءة تأبى ان تعرض الام عن إرضاع ولدها إذ هي اولى به من غيرها

لِيُنْفِقْ المعتدة الحاملة ذُو سَعَةٍ ويسر مِنْ سَعَتِهِ ومقدار وسعه وطاقته على مقتضى نفقتها قبل الفرقة وَمَنْ قُدِرَ وضيق عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ من الرزق الصوري بلا جبر وتحميل إذ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ المنعم الحكيم نَفْساً إِلَّا مقدار ما آتاها وساق لها من الرزق الصوري إذ سَيَجْعَلُ اللَّهُ المنعم المتفضل بَعْدَ عُسْرٍ دنياوي يُسْراً حقيقيا أخرويا فاليسر في الآخرة اولى من الدنيا وما فيها. ثم قال سبحانه على وجه الوعيد للموسرين المقترين

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ اى كثيرا من اهل قرية قد عَتَتْ اى أعرضت واستكبرت عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَعن متابعة رُسُلِهِ المرسلين من عنده اتكالا على ما عندهم من المال والثروة والتفاخر على الأقران والتفوق عليهم بأنواع النخوة والعدوان فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً اى عن القليل والكثير والنقير والقطمير وَبعد ما حاسبناها كذلك قد عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً منكرا فجيعا فظيعا والمراد حساب النشأة الاخرى وعذابها عبر بالماضي لتحقق وقوعها

فَذاقَتْ حينئذ وَبالَ أَمْرِها اى اعراضها عن الله واهله ذوقا محيطا بها بحيث لا يخلو من العذاب شيء من اعضائها واجزائها وَبالجملة قد كانَ عاقِبَةُ أَمْرِها الذي كانت عليه في النشأة الاولى خُسْراً في النشأة الاخرى واى خسر أشد منها واكبر ألا وهو حرمانهم عن ساحة عز القبول الإلهي وانحطاطهم عن رتبة الخلافة والنيابة الانسانية وبالجملة قد

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً في العاجل والآجل فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ واعتبروا مما جرى على أولئك الغواة الطغاة الهالكين في تيه العتو والعناد من وخامة عاقبتهم ورداءة خاتمتهم واعلموا ايها المعتبرون الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق وصدق رسله قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ المدبر لمصالحكم إِلَيْكُمْ ذِكْراً ناشئا منكم مذكرا لكم اصل مبدئكم ومنشئكم وكذا مرجعكم ومعادكم وقد جعله سبحانه

رَسُولًا مرسلا من عنده إليكم لإرشادكم وتكميلكم يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ الدالة على وحدة ذاته مُبَيِّناتٍ مشروحات واضحات كل ذلك لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله على وجه الإخلاص وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المؤكدة لإيمانهم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ اى الظلمات الحاصلة لهم من تراكم الكثرات وتتابع الإضافات الناشئة من الأوهام والخيالات الباطلة الى نور الوجود الذي هو الوحدة الذاتية القاطعة لعموم الإضافات مطلقا وَبالجملة مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ويوقن بوحدته وَيَعْمَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>