للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضكم مال بعض محانا بلا رخصة شرعية بل بِالْباطِلِ ظلما وزورا سواء كان سرقة او غصبا او حيلة منسوبة الى الشرع افتراء ومراء او ربوا او تلبيسا وتشيحا كما يفعله المتشيخة ويأخذون بسببها حطاما كثيرة من ضعفاء المؤمنين واعلموا ايها المؤمنون ان مال الأخ المؤمن على المؤمن في غير العقود المتبرعة المشروعة حرام إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً معاوضة ومعاملة حاصلة عَنْ تَراضٍ ومرضاة مِنْكُمْ منبعثه عن اطمئنان نفوسكم عليها بلا غرور وإغراء واضطرار وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ اى ولا تلقوها بأيديكم الى المهالك التي جرت بين ارباب المعاملات من الربوا والخداع والتغرير والتلبيس وعير ذلك من انواع المكر والحيل حتى لا تنحطوا عن مرتبتكم الاصلية ومنزلتكم الحقيقية التي هي مرتبة العدالة والخلافة الإلهية إذ لا خسران أعظم من الحرمان منها. دركنا بلطفك يا خفى الألطاف وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المنه عليكم بأمثال هذه التدبيرات الصادرة عن محض الحكمة والمصلحة كانَ بِكُمْ رَحِيماً مشفقا عليكم مريدا ايصالكم الى ما خلقكم لأجله وأوجدكم لحصوله

وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى ما يحذر عنه من المهالك المذكورة ويمقت نفسه بالتعرض عليها لا عن جهل سادج بل عن جهل مركب قد اعتقدها حقا عُدْواناً مجاوزا مائلا عن الحق إصرارا وَظُلْماً خروجا وميلا عن طريق الشرع الموضح لسبيل التوحيد فَسَوْفَ منتقم عنه في يوم الجزاء ونُصْلِيهِ وندخله ناراً حرمانا دائما دائميا عن ساحة عر الحضور وطردا سرمديا عن فضاء السرور. بك يعتصم يا ذا القوة المتين وَلا تغفلوا ايها المنهمكون للاقتحام في المهالك المتعلقة لأمر المعاش عن انتقام الغيور إياكم ولا تعتقدوا عسره بالنسبة اليه سبحانه إذ كانَ ذلِكَ الانتقام على تلك الآثام والاجرام عَلَى اللَّهِ القدير القادر الميسر لكل عسير يَسِيراً وان استعسرتم في انفسكم إذ لا رادّ لإرادته ولا معقب لحكمه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد

ثم قال سبحانه امتنانا على المؤمنين تفضلا وإشفاقا وجذبا لهم من جانبه إِنْ تَجْتَنِبُوا وتحرروا ايها المحبوسون في مهاوي الإمكان ومضيق الحدثان كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ وأعاظم ما تحدرون منه الا وهي الشرك بالله بأنواعه من اثبات الوجود لغيره واسناد الحوادث الكائنة الى الأسباب العادية وغير ذلك نُكَفِّرْ عَنْكُمْ اى نمحو ونتجاوز تفضلا عليكم سَيِّئاتِكُمْ اى صغائركم الصادرة من نفوسكم بمقتضى بشريتكم وَبعد عفونا عنكم الصغائر نُدْخِلْكُمْ بمحض جودنا ولطفنا مُدْخَلًا كَرِيماً هو فضاء التوحيد الذي ليس فيه هواء ولا ماء ولا غد ولا مساء بل ما فيها الافناء وصفاء وبقاء ولقاء بحيث لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى وفقنا بكرمك وجودك بما تحب وترضى

وَمن مقتضى ايمانكم ايها المحمديون الموحدون المتوجهون نحو توحيد الذات من محجة الفناء والرضا بما نفذ عليه القضاء عليكم ان لا تَتَمَنَّوْا تمنى المتحسر المتأسف بحصول ما فَضَّلَ اللَّهُ تعالى بِهِ في النشأة الاولى بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ من الجاه والمال والمكانة الرفيعة في عالم الصورة إذ هي ابتلاء واختبار لهم وفتنة عظيمة تبعدهم عن طريق الفناء وتوقعهم في التكثر والتشتت والموحدون المحمديون لا بد لهم ان يقتفوا اثر نبيهم صلّى الله عليه وسلّم في ترك الدنيا وعدم الالتفات نحوها الا ستر عورة وسد جوعة إذ الاضافة والتمليك مطلقا مخل بالتوحيد والفناء جالب لانواع العذاب الأخروي. ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما. واعلموا ايها الموحدون المحمديون السالكون سبيل الفناء ليفوزوا بجنة البقاء وشرف اللقاء ان لكم عند ربكم جنات ومداخل متفاوتة

<<  <  ج: ص:  >  >>