للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناش مِنْ رَبِّكَ يا أكمل الرسل وَهُمْ حينئذ نائِمُونَ في بيوتهم

فَأَصْبَحَتْ الجنة وصارت بعد ما أصاب عليها ما أصاب كَالصَّرِيمِ اى التي صرم ثمارها بحيث لم يبق فيه شيء او صارت كالليل في اسودادها واحتراقها او كالنهار في غاية يبسها وجفافها

فَتَنادَوْا اى نادى بعضهم بعضا حال كونهم مُصْبِحِينَ داخلين في الصباح المعهود للصرام صايحين

أَنِ اغْدُوا واخرجوا غدوة ايها الملاك عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ قاصدين الصرم والقطع فخرجوا فَانْطَلَقُوا بأجمعهم نحوها

وَهُمْ حين خروجهم يَتَخافَتُونَ ويكتمون ذهابهم عن الناس ويسرون كلامهم فيما بينهم

أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ

وَبالجملة غَدَوْا وذهبوا غدوة عَلى حَرْدٍ اى مع قصد تام وسرعة كاملة قادِرِينَ على القطع بلا مشاركة ومعين

فَلَمَّا وصلوا إليها رَأَوْها كذلك قالُوا في بادى الرأى ما هي جنتنا هذه بل إِنَّا لَضَالُّونَ طريقها ثم لما تأملوا في اماراتها وجزموا بعلاماتها قالوا على سبيل الإضراب عن القول الاول من غاية الحسرة والأسف

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قد حرمنا عنها وعن ثمارها وخيراتها لخساستنا وخباثة نفوسنا وبعد ما حرموا عنها

قالَ أَوْسَطُهُمْ أعدلهم رأيا وعقلا على وجه التقريع والتشنيع لإخوانه أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ وقت مشاورتكم على حرمان الفقراء واتفاقكم على منعهم لَوْلا تُسَبِّحُونَ وهلا تذكرون الله بالخير ولم لا تشكرون نعمه بالإنفاق على الفقراء حتى يزيد عليكم سبحانه نعمه وهو كان قاله هكذا حين عزموا أولا على المنع وشاوروا فيه وبعد ما وقع ما وقع اعترفوا بالظلم والعدوان حيث

قالُوا عن غاية الندامة والإنابة سُبْحانَ رَبِّنا ننزهك من ان ننازع في ملكك وسلطانك ونخالف حكمك وشأنك وبالجملة إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ خارجين عن مقتضى أمرك بالإنفاق عارضين أنفسنا على انتقامك تب علينا بفضلك وكرمك انك أنت التواب الرحيم وبعد وقوع الواقعة الهائلة

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ اى يلوم بعضهم بعضا فان منهم من كان استصوب ومنهم من أشار ومنهم من سكت وبالجملة

قالُوا اى الكل متحسرين يا وَيْلَنا وهلكتنا ادركينا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ متجاوزين حدود الله مستحقين للويل والثبور وبعد ما أنابوا الى الله وتضرعوا نحوه عن محض الندم والإخلاص قالوا على سبيل التمني والرجاء

عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها ببركة التوبة والانابة بالإخلاص والاعتراف بالخطإ والاستغفار بالندم والانكسار التام إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ مائلون راجون منه العفو طالبون الخير والمغفرة. وقد روى انهم قد ابدلوا خيرا منها عناية وفضلا وبالجملة

كَذلِكَ الْعَذابُ لمن خرج عن مقتضى الحدود الإلهية في الدنيا وَالله لَعَذابُ الْآخِرَةِ المعدة لأصحاب الغفلة عن الله أَكْبَرُ وأعظم واقطع بل بأضعافه وآلافه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ويعتقدون وقوعه لاحترزوا البتة عما يئول بهم اليه ويوقعهم فيه. ثم قال سبحانه

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ الحافظين المتحفظين نفوسهم عن غضب الله المحترزين عن الخروج عن مقتضى الحدود الإلهية عِنْدَ رَبِّهِمْ الذي وفقهم على صيانة النفس عن المعاصي والمنكرات حين وصولهم الى كنف حفظه وجوار قدسه جَنَّاتِ النَّعِيمِ اى روضة الرضاء وجنة التسليم ولهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها ابدا والله عنده اجر عظيم لمن وصل اليه وتحقق دونه. ثم لما كانت الكفرة يقولون ان صح انا نبعث كما يزعم محمد وأصحابه لا يتفوقون بنا ولا يفضلون علينا أولئك الأراذل هناك ايضا بل نحن هناك ايضا احسن حالا منهم كما

<<  <  ج: ص:  >  >>