للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحينئذ حق لك ان تقول بلسان استعدادك بعد ما فنيت رسومك وآثارك في الله انا لله وانا اليه راجعون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون

[سورة الصافات]

[فاتحة سورة الصافات]

لا يخفى على ارباب الصفوة من المنجذبين نحو الحق المنكشفين بانبساط وحدته الذاتية حسب شئونه وتطوراته المنتشئة من أسمائه وصفاته الذاتية على صفائح المظاهر والمجالى الغير المحصورة والعكوس والاظلال الغير المتناهية ان الوحدة الحقيقية الحقية لما أرادت ان تتجلى بالتجلى الحبى لإظهار الكمالات المندمجة في ذاتها المقتضية للظهور والجلاء والاستجلاء تنزلت أولا من مرتبة الاحدية والعماء الذاتي الذي لا يتصور فيها الشعور والإدراك مطلقا الى الواحدية ثم منها الى ما شاء الله فظهرت المراتب والكثرات فأول كثرة ظهرت منها هي الأسماء الحسنى والصفات العليا الغير المنحصرة الموسومة عند ارباب الأذواق بالملائكة المهيمين الوالهين بمطالعة وجهه الكريم الصافين حول عرشه العظيم ثم ظهرت من تلك الأسماء والصفات كثرة الآثار والاظلال المنعكسة منها ثم ترتبت على تلك العكوس والاظلال اللوازم والعوارض والإضافات والتعلقات الفائتة للحصر والإحصاء وبعد ما قد بلغت الكثرة نهايتها تكونت الطبائع والهيولى والجواهر والاعراض وحدثت الفتن والأمراض واختلفت المذاهب والأغراض وتشعبت الطرق والأحزاب وتكثرت الملل والنحل وتزاحمت الأفكار والآراء وتعارضت الأماني والأهواء فحينئذ اقتضت الحكمة الإلهية وضع الحدود والقوانين وتحميل التكاليف الشافة على العباد وتشريع الطاعات والعبادات عليهم وإرسال الرسل والأنبياء المؤيدين من عند الله بالكتب المنزلة الفارقة بين الحق والباطل من السبل والاحكام المبينة للأمم براهين التوحيد وحجج اليقين ليتميز المحق من المبطل والموحد من الملحد والمؤمن العارف من الكافر الجاهل ولهذا المطلب العلى والمقصد السنى الذي هو التوحيد الذاتي اقسم سبحانه بأعظم مخلوقاته وأقربها الى صرافة الذات ألا وهم الملائكة الصافون حول الذات الاحدية المهيمون عند سرادقات العز والجلال بمطالعة الجمال فقال تبارك وتعالى مفتتحا بعد ما تيمن باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى على ملائكته الحافين لذاته الصافين حول عرشه العظيم الرَّحْمنِ عليهم بعموم فيضه وشمول رحمته الرَّحِيمِ لهم يأمرهم بعكوف بابه ويقربهم عند جنابه

[الآيات]

وَالصَّافَّاتِ اى وحق الأسماء والصفات الإلهية الصافين حول الذات الاحدية المنتظرين لشئونه وتجلياته إذ هو سبحانه في كل آن في شأن ولا يشغله شأن عن شأن صَفًّا مستقيما مستويا بحيث لا يتحولون عنه أصلا بل هم هائمون دائمون والهون مستغرقون منتظرون بماذا يأمرهم ربهم من التدبيرات المخزونة في حضرة علمه المحيط والتصويرات المثبتة المكنونة في لوح قضائه المحفوظ ومتى تعلق ارادته بمقدور من مقدوراته ومراداته المأمورة إياهم وهم حينئذ زاجرات

فَالزَّاجِراتِ المدبرات على الفور لما يأمرهم الحق من التدبيرات المتعلقة بنظام الكائنات غيبا وشهادة زَجْراً تاما وتدبيرا كاملا حسب المأمور والمقدور بلا فتور وقصور وبعد ما صدر امره سبحانه وجرى قضاؤه بقوله كن فهم حينئذ التابعات الطالبات لامتثال الأمر المقضى بلا فترة وتسويف

فَالتَّالِياتِ التابعات لإنفاذ قضائه سبحانه القارأت المبلغات ذِكْراً منه ووحيا من لدنه سبحانه لمن أمرهم الحق بتبليغه إياهم ألا وهم الأنبياء والرسل المؤيدون بالوحي والإلهام المصطفون من بين البرايا والعباد

<<  <  ج: ص:  >  >>