للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع كونهما صادرتين عنكم وأنتم على شرككم وضلالكم كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ اى كايمان من آمن بتوحيد الله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ المعد لجزاء الأعمال وَمع ذلك قد جاهَدَ بماله ونفسه فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء دينه وكلمة توحيده كلا وحاشا لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ عملة السقاية وعمرة المساجد مع المؤمنين الموقنين بتوحيد الله المجاهدين في سبيل الله لنصرة دينه وَاللَّهُ الهادي لعباده الى توحيده لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى أوامره ونواهيه المنزلة على رسله وأنبيائه

الَّذِينَ آمَنُوا اى تحققوا بمرتبة اليقين العلمي بتوحيد الله وَهاجَرُوا عن بقعة الإمكان طالبين مرتبة أعلى منها وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وفي طريق توحيده مع جنود النفوس الامارة واهل الشقاق والخلاف ساعين فيه بِأَمْوالِهِمْ اى ببذل ما نسب إليهم من امتعة الدنيا العائقة عن الوصول الى فضاء الوحدة وَأَنْفُسِهِمْ بمنعها عن مشتهياتها ومقتضياتها طالبين افناء انانياتهم وهوياتهم الباطلة في هوية الحق أَعْظَمُ دَرَجَةً وأعلى منزلة ومرتبة عِنْدَ اللَّهِ ما داموا سالكين سائرين وَبعد وصولهم وانقطاع سلوكهم أُولئِكَ السعداء الواصلون هُمُ الْفائِزُونَ المتحققون الواصلون بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

لذلك يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ إياهم اى باستعداداتهم الكامنة في عالم الأسماء والصفات بِرَحْمَةٍ وروح وراحة غير منقطعة نازلة ناشئة مِنْهُ سبحانه وَرِضْوانٍ فائض لهم من جانبه سبحانه قد كلت الألسن عن تفسيره وانحسرت العقول عن التعبير عنه وَجَنَّاتٍ متنزهات متجددات حسب تجددات التجليات الحبية لَهُمْ فِيها اى في تلك الجنات المتجددات نَعِيمٌ اى امداد عظيم من قبل الحق وفيض مُقِيمٌ دائم غير منقطع

خالِدِينَ فِيها أَبَداً مؤبدا لا تأبيد أمد ولا زمان بل لا يعرف كنهه الا هو وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المتجلى على قلوب خلص عباده عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ موهوب لهم حسب استعداداتهم وقابلياتهم بعد ما انكشفوا

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم الاجتناب عن اهل الغفلة والغرور حتى لا يسرى ضلالهم إليكم سيما اقرباءكم النسبية لا تَتَّخِذُوا ايها المهاجرون آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا واختاروا الْكُفْرَ والشرك عَلَى الْإِيمانِ والتوحيد وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ سيما بعد ورود النهى فَأُولئِكَ المتخذون المضلون الضالون هُمُ الظَّالِمُونَ المتجاوزون عن مقتضى حكم الله وامره ونهيه

قُلْ يا أكمل الرسل للمؤمنين الذين يقصدون موالاة أنسابهم إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ اى أقاربكم وذووا أرحامكم وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها اى اكتسبتموها بأيديكم وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها بمضى وقت ربحها ونمائها وَمَساكِنُ طيبة تَرْضَوْنَها اى ترضى بها نفوسكم وتطيب بها قلوبكم أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ المحبوب في قلوب أوليائه وَرَسُولِهِ الذي هو حبيبه وخليله وهو النائب المستخلف عنه سبحانه وَكذا من جِهادٍ هو عبارة عن الاجتهاد فِي سَبِيلِهِ سبحانه للفوز بشرف الوصول والشهود والنيل الى غاية المأمول والمقصود فَتَرَبَّصُوا اى فعليكم ان تتربصوا وتنتظروا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ المنتقم الغيور من المتخذين لغيره اولياء بِأَمْرِهِ الموجب لعذابه وَاللَّهُ الهادي لعباده لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن مقتضى ولائه وولايته اذكروا يا ايها المؤمنون

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ الحفيظ الرقيب عليكم فِي مَواطِنَ ومواقع كَثِيرَةٍ حين لا ينفعكم أحسابكم وانسابكم شيأ لا سيما في حربكم مع هوازن وثقيف وَلا سيما يَوْمَ حُنَيْنٍ هو واد بين مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>