للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم من ربكم ليجربكم هل تضطربون في امر المال والعيال وتقعون لأجلها في المعارك والمهالك واباحة المحرمات وارتكاب الخيانات المسقطة لعموم المروآت والفتوات مطلقا أم تفوضون أموركم كلها الى الله وترضون بما قضى عليكم وقدر لكم سبحانه في سابق علمه ولوح قضائه «٢»

وَاعلموا أَنَّ اللَّهَ

المطلع بجميع أحوالكم عِنْدَهُ

وفي كنف حفظه وجواره أَجْرٌ عَظِيمٌ

للمفوضين الذين رضوا بقسمة الله في جميع حالاتهم ووفوا بما ائتمنوا من الأمانات مجتنبين عن الخيانة فيها

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وتحذروا عن محارمه ومحظوراته مطلقا وتؤدوا الأمانات التي ائتمنتم بها من الأموال والاعراض والشهادات بلا خيانة فيها وتفوضوا أموركم كلها اليه مجتنبين عن الخيانة يَجْعَلْ لَكُمْ وينزل على قلوبكم تفضلا وامتنانا فُرْقاناً ينور به قلوبكم بحيث تميزون الحق من الباطل والصواب من الخطأ والإلهام الإلهي من إغواء الشيطان وتغريره وَيُكَفِّرْ ويمح به وبامتثال أوامره واجتناب نواهيه عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ اى جرائمكم اللاتي قد مضت عليكم بالمرة وَبالجملة يَغْفِرْ لَكُمْ ويستر عنكم ذنوبكم مطلقا تفضلا وامتنانا وَلا تتعجبوا من افضاله هذا ولا تستبعدوا منه سبحانه أمثاله إذ اللَّهَ المراقب لأحوال عباده ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ واللطف الجسيم على من توكل عليه والتجأ نحوه في عموم حالاته على وجه الخضوع والخشوع

وَاذكر يا أكمل الرسل انجاءنا وتخليصنا إياك وقت إِذْ يَمْكُرُ ويخدع بِكَ لهلاكك ومقتك المفسدون المسرفون الَّذِينَ كَفَرُوا بك يعنى قريشا وهم قد شاوروا لأمرك في دار الندوة لِيُثْبِتُوكَ ويحبسوك في دار ليس لها منفذ إلا كوة يلقون منها طعامك أحيانا أَوْ يَقْتُلُوكَ مزدحمين بحيث لم ينسب قتلك الى معين منهم أَوْ يُخْرِجُوكَ من مكة محمولا على جمل ليقتلك القطاع وَبالجملة يَمْكُرُونَ بمقتك أولئك الكفرة الماكرون وَيَمْكُرُ اللَّهُ الرقيب الحفيظ عليك لإنجائك وخلاصك من أيديهم فغلب مكره سبحانه على مكرهم واخرجك من بينهم سالما وَبالجملة اللَّهُ المطلع لجميع مخايلهم خَيْرُ الْماكِرِينَ اى أشدهم وأقواهم تأثيرا وقوة وذلك انهم حين سمعوا ايمان الأنصار شاوروا على أظهرهم في امره صلّى الله عليه وسلّم وارتفاع شانه وسطوع برهانه فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ وقال انا من نجد سمعت اجتماعكم فاحضركم لا علم كيف تتدبرون في امر هذا الشخص الذي لو بقي زمانا على هذا يخاف عليكم من شره فقال ابو البختري رأيى ان تحبسوه في بيت وتشدوا منافذه غير كوة تلقون اليه طعامه وشرابه منها حتى يموت فقال الشيخ النجدي بئس الرأس هذا يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصونه من أيديكم فقال هشام بن عمرو رأيى ان تحملوه على جمل فتخرجوه من أرضكم ولا يلحقكم ضرر بنى هاشم فقال الشيخ يفسد قوما آخر ويقاتلكم بهم اما رأيتم طلاقة لسانه وحلاوة كلامه ووجاهة منظره فقال ابو جهل انى ارى ان تأخذوا من كل بطن غلاما وتعطوه سيفا فيضربوه دفعة واحدة فيتفرق دمه في القبائل فلا يقوى بنوا هاشم على حرب القريش كلهم فان طلبوا العقل عقلناه فقال الشيخ


(٢) المؤمن لا بد ان يقنع بالكفاف ويصبر على العفاف ويتصف بالانصاف ويجتنب عن الاعتساف ويرضى من الدنيا بأكل لقمة ولبس خرقة وكن حجرة ولا يطلب فضول العيش واسباب النخوة والثروة وامتعة الجاه والغفلة حتى لا يورثه املا طويلا وحزنا كثيرا فان سلسلة الإمكان متصلة وأغلال الأماني والآمال مثمرة على الدوام بلا انقطاع ولا انصرام

<<  <  ج: ص:  >  >>