للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأضعاف عذاب الدنيا وآلافها وَبالجملة هُمْ لا يُنْصَرُونَ ولا يشفعون فيها لا يدفع العذاب عنهم طرفة ولا يخفف لمحة بل يخلدون في العذاب الأليم ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ بإرسال الرسل إياهم ليرشدوهم الى طريق النجاة وينقذوهم عن الضلال وبعد ما بلغهم الرسل من آيات الهداية وامارات الرشد كذبوهم وأنكروا على هدايتهم وإرشادهم فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى والضلال حسب عمههم وغفلتهم عَلَى الْهُدى المنزل إليهم من لدنا على ألسنة رسلنا وبعد ما أصروا على ما هم عليه من الغواية فَأَخَذَتْهُمْ بغتة صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ المخزى المذل النازل من نحو السماء على صورة الصاعقة السريعة الجري والحركة فاستأصلهم بالمرة بِما كانُوا يَكْسِبُونَ اى بشؤم ما يقترفون من المعاصي والآثام الجالبة إياهم شدة غضب الله وعذابه

وَمن كمال قدرتنا على الانعام والانتقام نَجَّيْنَا من تلك الصاعقة المهولة المهلكة القوم الَّذِينَ آمَنُوا برسلنا واهتدوا بهدايتهم مع انهم قد كانوا فيهم مجاورين معهم وَسبب تخليصنا إياهم انهم قد كانُوا يَتَّقُونَ عن محارمنا ومنهياتنا مع كونهم متصفين بكمال الايمان والتوحيد

وَاذكر يا أكمل الرسل لمن عاندك من المشركين يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ بعد العرض والحساب إِلَى النَّارِ المعدة لجزائهم فَهُمْ حينئذ يُوزَعُونَ اى يذبون ويدفعون يعنى يحبس اولهم ومقدمهم على آخرهم لئلا ينقطع ائتلافهم وتلاحقهم

حَتَّى إِذا ما جاؤُها اى حضروا النار وازدحموا حولها مجتمعين كالحين فزعين مجادلين منكرين بصدور اسباب العذاب عنهم مع انهم يحاسبون أولا ثم يساقون نحو النار ولإسكاتهم وتبكيتهم عن الجدال والمراء شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ اى اعترفت جوارحهم وقواهم بإنطاق الله إياها بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ويقترفون بها من المعاصي والمحرمات والمنهيات

وَبعد ما سمعوا من اركانهم وقواهم ما سمعوا من الاعتراف قالُوا موبخين مقرعين لِجُلُودِهِمْ وجوارحهم المعترفة بذنوبهم لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا مع انا لا نعذب الا بكم ومعكم من اين تجترءون على نفوسكم بالعرض على العذاب المؤبد ايها الحمقى الجهلاء قالُوا اى الجوارح والقوى ما كنا مختارين في هذه الشهادة والاعتراف بل قد أَنْطَقَنَا اللَّهُ القادر المقتدر الحكيم العليم الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ بآيات وجوب وجوده ودلائل وحدته بمقتضى جوده وليس بعجب من قدرته سبحانه انطاقنا بما اقترفتم بنا من المعاصي والآثام المخالفة لأمره وحكمه غيرة منه سبحانه وقهرا على من خرج عن ربقة عبوديته بترك أوامره وأحكامه وَكيف لا يغار ولا يقهر سبحانه عليكم ايها المفسدون المسرفون مع انه هُوَ بذاته وبمقتضى أسمائه وصفاته خَلَقَكُمْ وأظهركم من كتم العدم خلقا إبداعيا أَوَّلَ مَرَّةٍ بلا سبق مادة ومدة وشركة من احد ومظاهرة وَإِلَيْهِ ايضا آخر مرة كذلك تُرْجَعُونَ رجوع العكوس والاظلال الى الأضواء والأمواج الى الماء فمن اين تستنكفون عن عبوديته وتخرجون عن حكمه وامره. ثم قال سبحانه تذكيرا لما هم عليه عند ارتكاب المعاصي توبيخا لهم وتقريعا

وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ يعنى لم تكونوا متسترين مستترين عند ارتكاب الفواحش والمحظورات مخافة أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ عند الله في يوم الجزاء لإنكاركم به وبما فيه بل انما تستترون وتكتمون معاصيكم وقبائحكم مخافة فضاحتكم واشتهاركم بين بنى نوعكم بالمذامّ والمقابح وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ بالله ظن السوء وهو أَنَّ اللَّهَ المطلع بسرائر الأمور وخفياتها لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>