للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَفَرِحٌ فَخُورٌ بطر فرحان مغرور مفتخر بما في يده من النعم مشغول بها عن المنعم وعن شكرها وأداء حقها

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا على ما أصابهم من السيئات المملة المؤلمة واسترجعوا الى الله لكشفها وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وواظبوا على الخيرات والحسنات وداوموا على الإيثار والصدقات شكرا لما أنعمنا عليهم أُولئِكَ السعداء الصابرون على البلاء الشاكرون على الآلاء والنعماء لَهُمْ مَغْفِرَةٌ اى ستر ومحو لذنوبهم التي قد مضت عليهم وَأَجْرٌ كَبِيرٌ منا إياهم الا وهو الرضاء منهم تفضلا عليهم وامتنانا

فَلَعَلَّكَ يا أكمل الرسل من غاية ودادك ايمانهم ونهاية محبتك بمتابعتهم لك تارِكٌ أنت بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ من لدنا مشتملا على توبيخهم وتقريعهم وزجرهم وتشنيعهم كراهة ان يركنوا عنك وينصرفوا عن متابعتك وَضائِقٌ بِهِ اى بسبب ما يوحى إليك صَدْرُكَ مخافة أَنْ يَقُولُوا لو أظهرت عليهم بما اوحيت به لَوْلا وهلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ بدل هذه التوبيخات والوعيدات من عند ربه ليتابع الناس له أَوْ هلا جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ مصدق لنبوته ورسالته ليطيعوا ويؤمنوا له طوعا بلا كلفة لا تبال يا أكمل الرسل بهم وبهذياناتهم هذه ولا تخطر ببالك أمثال هذا إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ بلغ عموم ما انزل إليك من الإنذار والتخويف ولا تلتفت الى ردهم وقبولهم وتوكل على ربك وثق به واعتمد عليه فانه يكفى ويكف عنك مؤنة ضررهم وشرورهم وَبالجملة اللَّهُ المراقب عليهم عَلى كُلِّ شَيْءٍ صدر عنهم وَكِيلٌ حفيظ عليهم يعلم منهم ما هو مستوجب للعقوبة والعذاب وما هو موجب للنوال والثواب يجازيهم بمقتضى علمه وخبرته او لم يكف بتصديق نبوتك ورسالتك وصدقك في دعوى الهداية والرشد القرآن المعجز لعموم ارباب اللسن والبيان مع تشددهم في المعارضة والمقابلة

أَمْ يَقُولُونَ مكابرة وعنادا افْتَراهُ واختلقه من تلقاء نفسه في نسبته الى الوحى والإلهام تغريرا وترويجا قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما نسبوك الى الافتراء والاختلاق فَأْتُوا ايها المكابرون المعاندون بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ اى مثل اقصر سورة من سور القرآن مُفْتَرَياتٍ مختلقات كما زعمتم مع انكم أنتم أحق باختلاقها لكثرة تمرنكم وتزاولكم في الإنشادات والانشاءات وتتبع كلام البلغاء والتعود بمدارسة القصص والقصائد وان عجزتم أنتم عن اختلاقها بأنفسكم فاستظهروا بإخوانكم ومعاونيكم وَبالجملة ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ واستمدوا منهم واتفقوا معهم في اختلاقها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ظنكم هذا

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ايها المؤمنون ولم يأتوا بما تحديتم إياهم فَاعْلَمُوا ايها المؤمنون واطمئنوا وتيقنوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وبكمال قدرته وارادته لا يمكن لاحد من مظاهره ومصنوعاته ان يأتى بمثله ويعارض معه وكيف يعارض معه سبحانه إذ لا شيء سواه وَأَنْ لا إِلهَ في الوجود إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ منقادون لحكمه مسلمون أموركم كلها اليه مخلصون مطمئنون متمكنون في جادة توحيده بل أنتم بحمد الله ايها الموحدون المحمديون هكذا.

ثم قال سبحانه على سبيل العظة والتذكير مَنْ كانَ بارتكاب الأعمال الشاقة واحتمال شدائدها ومتاعبها يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها المزخرفة التي تترتب عليها من الأموال والأولاد نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها لأجلها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ اى لا ينقص شيء من أجور أعمالهم في النشأة الاولى ان كان غرضهم مقصورا عليها محصورا بها

واما في النشأة الاخرى أُولئِكَ القاصرون المقصرون هم الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>