للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجميع الكتب السالفة والرسل السابقة وان كان مشتملا على النسخ والتبديل لبعض احكام الكتب السابقة المنزلة على الأمم السالفة وَمِنْ هؤُلاءِ الاعراب مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ اى بهذا الكتاب وان لم يسبق لهم وعد لأنهم ليسوا من اهل الكتاب في وقت من الأوقات بل انما آمنوا به لكونهم من ارباب اللسن والفصاحة قد تأملوا في نظم ألفاظه العجيبة واتساق معانيه البديعة الغريبة قد انكشف لهم انه ما هو من جنس كلام البشر فجزموا بإعجازه وآمنوا له وصدقوه انه نازل من عند الله على سبيل الوحى بلا تردد وَبالجملة ما يَجْحَدُ وينكر بِآياتِنا الظاهرة الاعجاز العجيبة الشأن الباهرة البيان والتبيان إِلَّا الْكافِرُونَ الساترون نور الهداية والايمان بظلمة الكفر والطغيان عنادا ومكابرة

وَكيف لا يكون القرآن وحيا معجزا نازلا من عند الله حسب ارادته واختياره إذ ما كُنْتَ أنت يا أكمل الرسل تَتْلُوا وتتعلم مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل القرآن ونزوله مِنْ كِتابٍ من الكتب المنزلة وَلا تَخُطُّهُ ولا تنسخه أنت نفسك بِيَمِينِكَ على سبيل النقل يعنى ما كنت أنت بحال من الأحوال من اهل النسخ والإملاء والكتابة والإنشاء إذ هي مسبوقة بالتعلم وأنت أمي عار عن الدراسة والكتابة والتعلم مطلقا ولم يعهد منك أمثال هذه الأمور الدالة على الأخذ والاستبصار ولو كنت أنت متصفا بها وأهلا لها إِذاً لَارْتابَ شك وتردد الْمُبْطِلُونَ المجاهرون بالقول الزور الباطل في شأنك وشأن كتابك وكونه معجزا مع انه ما هو اى القرآن حينئذ ايضا محل ارتياب لأنه في نفسه وفي حد ذاته وباعتبار نظمه البديع ومعناه الغريب العجيب وأسلوبه المحكم معجز خارق للعادة عند من له ادنى دريبة بأساليب الكلام وبالجملة لا ينبغي ولا يليق لاحد من ذوى العقول السليمة والطباع المستقيمة سيما من ذوى الأذواق الصحيحة وارباب الوجدان ان يشك في اعجازه الا من هو متناه في البلادة وسخافة العقل وركاكة الفهم

بَلْ هُوَ اى القرآن في نفسه وعند اولى العزائم الخالصة الصحيحة عن مطلق المكدرات المنافية لصفاء مشرب التوحيد آياتٌ شواهد ودلائل دالة على الحق بَيِّناتٌ واضحة الدلالات في أنفسها ثابتة فِي صُدُورِ العارفين المحققين الموحدين الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ اللدني المترشح من حضرة العلم المحيط الإلهي المفاض لهم منها حسب استعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية تفضلا عليهم وامتنانا لهم وَبالجملة ما يَجْحَدُ وينكر بِآياتِنا سيما قواطع برهانها وسواطع تبيانها إِلَّا القوم الظَّالِمُونَ الخارجون عن مقتضى العلم والعين والكشف والشهود

وَمن غاية بغضهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشدة شكيمتهم وضغينتهم معه قالُوا مقترحين منه على سبيل التعجيز والإنكار لَوْلا وهلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ عجيبة غريبة مِنْ رَبِّهِ ان كان صادقا في دعوى الرسالة كالآيات التي أنزلت على الأنبياء الماضين مثل عصا موسى وناقة صالح ومائدة عيسى وسائر معجزاته وغير ذلك قُلْ لهم يا أكمل الرسل كلاما ناشئا عن محض الحكمة خاليا عن وصمة الشبهة إِنَّمَا الْآياتُ كلها عِنْدَ اللَّهِ وفي قبضة قدرته وعلى مقتضى ارادته ومشيته متى تعلق ارادته بانزال آية منها أنزلها على من أرسله ارادة واختيارا وليس في وسعى وطاقتي ولا في وسع كل من مضى قبلي من الأنبياء والرسل إنزال ما طولبوا وإتيان جميع ما اقترحوا من الآيات وَهكذا حالي بكم ومقترحاتكم بل إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ من قبل ربي إياكم مُبِينٌ ظاهر الإنذار والتخويف وكل من الأنبياء والرسل الماضين قد كانوا ايضا كذلك بالنسبة الى أممهم إذ نحن معاشر الأنبياء والرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>