خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ من خير وشر ونفع وضر يجازيكم على مقتضى خبرته وَبالجملة
لا تَكُونُوا ايها المؤمنون ك الغافلين الذين نَسُوا اللَّهَ اى ذكره المستلزم المقتضى للايمان والمحبة والعرفان فَأَنْساهُمْ سبحانه أَنْفُسَهُمْ اى ذكرها المستلزم لمعرفة الحق إذ من عرف نفسه فقد عرف ربه وكذا من نسيها نسيه وبالجملة أُولئِكَ البعداء المطرودون عن ساحة عز الحضور هُمُ الْفاسِقُونَ المقصورون على الخروج عن مقتضى الحدود الإلهية ولوازم العبودية الجاهلون بقدر الألوهية مطلقا واعلموا ايها المكلفون انه
لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ منكم وملازموها وهم الذين اقترفوا طول اعمارهم لسيئات الأعمال وذمائم الأخلاق والأوصاف والأطوار مما يستحقون بها دخول النار وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ وهم الذين اتصفوا بمحاسن الأعمال والأحوال ومحامد الأخلاق والأطوار المنتجة لهم انواع المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات الفائضة عليهم حسب استنشاقهم من نسائم عالم اللاهوت واسترواحهم بفوائح حضرة الرحموت وبالجملة أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ المفلحون المقصورون بالدرجات العلية والمقامات السنية مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم وبخ سبحانه نوع الإنسان المجبول على فطرة الايمان والعرفان وقرعهم بغفلتهم عن القرآن المرشد لهم الى طريق التوحيد والعرفان بقوله
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ المنزل عليكم ايها التائهون في تيه الغفلة والنسيان عَلى جَبَلٍ من الجبال العظام والله لَرَأَيْتَهُ اى الجبل ايها المعتبر الرائي خاشِعاً خاضعا مُتَصَدِّعاً متشققا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ القادر الغيور يعنى قد تأثر من الوعيدات القرآنية والإنذارات الشديدة الواقعة فيه على المكلفين مع عدم قابليته للتأثر وأنتم ايها الهلكى الحمقى التائهون الهالكون في تيه الجهل والضلال وبيداء الوهم والخيال مع كمال قابليتكم واستعدادكم للتأثر لا تتأثرون من وعيداته البليغة وانذاراته الشديدة ثم قال سبحانه على سبيل التنبيه والتذكير وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ الناسين مرتبة العبودية من كمال البطر والغفلة لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ويتفطنون منها الى فطرتهم الاصلية المجبولة على التذلل والخشوع والانكسار والخضوع فيشتغلون بما جبلوا لأجله من العبودية والإتيان بالطاعات والعبادات اللائقة لمرتبة الألوهية والربوبية وكيف لا تتذللون له سبحانه ايها الحمقى الهالكون مع انه سبحانه
هُوَ اللَّهُ اى الموجود الحق الحقيق الَّذِي لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل بالالوهية والربوبية عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ على التفصيل الواقع في الواقع بحيث لا يعزب عن حيطة علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ومع ذلك هُوَ الرَّحْمنُ على عموم الأكوان بافاضة الوجود عليهم وتربيتهم وتدبير مصالحهم في النشأة الاولى الرَّحِيمُ على خواصهم يوصلهم الى فضاء وحدته وسعة جنته ورحمته في النشأة الاخرى وكيف لا
وهُوَ اللَّهُ المستقل بالالوهية والربوبية في ذاته المتوحد بالقيومية المتفرد بالديمومية الفرد الوحدانى الَّذِي لا إِلهَ يعبد بالحق ويرجع اليه في الخطوب والملمات إِلَّا هُوَ باستقلاله واستحقاقه وصمديته وقيوميته في ملكه وملكوته حسب مقتضيات أسمائه وصفاته إذ هو الْمَلِكُ المتفرد بالحكمة والاستيلاء التام والسلطنة الغالبة والبسطة القاهرة الْقُدُّوسُ البالغ في النزاهة الى أقصى الغاية والنهاية السَّلامُ السليم السالم عن مطلق النقائص ولوازم الاستكمال التي هي من لواحق الإمكان الْمُؤْمِنُ ذو الأمن والامان على عموم الأعيان والأكوان الْمُهَيْمِنُ المراقب المحافظ على مقتضيات استعدادات عموم البرايا بكمال