للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَنَنَّا أَنْ اى انه لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ اى جنس الانس والجن المجبولين على فطرة العبودية والعرفان عَلَى اللَّهِ المعبود بالحق على الإطلاق وفي حقه وشأنه العلى قولا كَذِباً زورا وباطلا صدر عنهم على قصد الافتراء والمراء لذلك اتبعناهم فيما قالوا ظلما وعدوانا وبعد ما قد ظهر الحق وكوشفنا بحقية الحق ووحدته وحقيقة الأمر تبرأنا عنهم وعن أقوالهم جميعا وتبنا الى الله والتجأنا بكنف حفظه وجواره أعاذنا الله بلطفه من زيغ الزائغين وإضلال الضالين المضلين

وَقد كنا قبل انكشافنا بوحدة الحق أَنَّهُ اى الشأن قد كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ ويحرسون بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ عند مرورهم بقفر وهم قد كانوا إذا امسوا فيها يقولون نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ومع استعاذتهم واستعانتهم فَزادُوهُمْ اى الجن الانس رَهَقاً اى كبرا وعتوا فيتحفظون عليهم ويحيطون بهم

وَما ذلك الكبر والطغيان منهم بعد ما استعاذوا الا أَنَّهُمْ اى الجن قد ظَنُّوا او زعموا كَما ظَنَنْتُمْ وزعمتم ايها الناس الموسومون بالجهل والنسيان المنسوبون الى الكفر والطغيان أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ القادر المقتدر على الإعادة والإبداء مطلقا أَحَداً من جنس الانس والجن حتى يستوفى عليه حسابه وجزاءه لذلك يجترءون ويزيدون في الارهاق والطغيان سيما بعد الاستعاذة والالتجاء

وَأَنَّا قد كنا قبل نزول القرآن لَمَسْنَا السَّماءَ اى طلبنا البلوغ إليها وأردنا الصعود نحوها لنسترق من اخبار الملائكة ونخبر بها الكهنة ونوقع الفتنة في العالم السفلى فَوَجَدْناها اى السماء اليوم عند بعثة هذا النبي المؤيد المبعوث الى كافة البرية من الثقلين قد مُلِئَتْ وامتلأت حَرَساً اى حراسا حافظين شَدِيداً قويا على الحفظ والحراسة وَشُهُباً جمع شهاب وهو المضيء المتراكم من أجزاء النار في الجو نرجم بها ونطرد من حواليها

وَبالجملة أَنَّا قد كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها اى من السماء مَقاعِدَ صالحة لِلسَّمْعِ والاستماع فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ بعد نزول القرآن ويقعد في تلك المقاعد يَجِدْ لَهُ وعنده شِهاباً رَصَداً راصدا قاصدا له يرجمه ويمنعه من الاستماع

وَأَنَّا اليوم لا نَدْرِي ولا نعلم أَشَرٌّ وفتنة أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى بالساكنين عليها بحراسة السماء ومنع اخبارها عنهم أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً يرشدهم ويهديهم الى التوكل والتسليم وتفويض الأمور الى العليم الحكيم بحيث لا يحترزون عما جرى عليهم من قضائه باخبار السماويين بل يفوضون أمورهم كلها الى الله راضين بعموم ما جرى عليهم من القضاء بلا كهانة وتنجيم

وَأَنَّا اى نحن المخبرون بالاخبار السماوية قد كنا صنفين مِنَّا الصَّالِحُونَ اى الأبرار المؤمنون والآمنون الأمينون حيث لا يخلطون الاخبار المسموعة بشيء من الأكاذيب وَمِنَّا قوم دُونَ ذلِكَ أدون وانزل ذلك اى لا امانة لهم ولا وثوق بقولهم حتى يؤدوا الاخبار على وجهها بل يوقعون انواع الفتن والمحن بين الناس إذ قد كُنَّا طَرائِقَ اى ذو طرق ومذاهب قِدَداً متفرقة مختلفة لذلك منعنا بأجمعنا عن استراق الاخبار السماوية سيما عند بعثة هذا المؤيد المبعوث وانحصر الأمر بالوحي والإلهام الإلهي على النفوس الزكية القدسية من كلا الجنسين لئلا يختل امر النظام الموضوع على القسط والعدالة

وَأَنَّا بعد ما كوشفنا بحقية القرآن وهدايته ورسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم تركنا ما كنا عليه من الضرر والإضرار بعباد الله إذ ظَنَنَّا بل قد علمنا يقينا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ القادر المقتدر على انواع الانتقام كائنين فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ ايضا هَرَباً منه سبحانه الى السماء او الى أى مكان شئنا إذ عموم الأماكن

<<  <  ج: ص:  >  >>